[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله الملك القاهر الأعظم ذي السلطان الباقي الأدوم المدلي عن صفات المخلوقين، المنزه عن نعوت الواصفين إلى ما لا يليق بوحدانيته ولا يماثل بعظمته، المرتفع عن الحركة والسكون والانتقال، الذي استعبد الخلائق بتواتر إنعامه، وترادف فضله وإحسانه، وتتابع أياديه وعواطف لطفه ومحبته وشامل مواهبه وسابغ عوارفه وإكرامه التي لا تحصي العادون عددها ولا يبلغ القائلون أمدها، قصرت ألسن الناطقين بالشكر عما وجب من عظيم حقه ووهب من عميم رزقه لكافة خلقه.
أحمد حمدا يحرس مواهبه من عوارض الغير، ويحصن عوارفه من شوائب الكدر، ويصون نعمه من وقوع الضرر، وأستهديه إلى الصلاح وأرغب إليه في النجاح والفلاح، كما هدانا إلى درك الصواب، وعرفنا من الحق منهج ذوي الفضل وأولي الألباب، ووهب لنا العقل دليلا على المقصد الأقوم والصراط المستقيم الأعظم، وهدانا بمحمد نبيه ورسوله المصطفى الأكرم، وشرفنا بالإسلام على سائر الأمم، وموالاة السادة الميامين الأطهار الأبرار [آل] محمد (صلى الله عليه وآله) وشرف وكرم،
Bogga 35
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يدانيه، ولا مثل له يضاهيه، ولا نظير له يكافيه، شهادة يثقل بها الميزان وتحصن من غضبه حريق النيران.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى وأمينه المرتضى ونجيبه المجتبى خاتم الرسل والأنبياء المستخلصين من جرثوم [ة] (1) العز [ة] القعساء ونخبة العرب العربا، وأن وصيه وخليفته علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد الوصيين وإمام المتقين وارث علوم الأولين والآخرين، وأن عترته الأئمة الطاهرة حجج الله على الخلق أجمعين، بهم تمت الكلمة ووجبت الحجة وعظمت النعمة، (صلى الله عليه وعليهم) ما هطل غمام وهتف حمام وتعاقبت الليالي والأيام.
فيقول العبد الفقير إلى رحمة الله ورضوانه أبو محمد الحسن بن أبي الحسن ابن محمد الديلمي أعانه الله على طاعته، وتغمده الله برأفته ورحمته، وأسكنه بحبوحة جنته مع سادته ومواليه وعدته محمد النبي وعترته (صلى الله عليه وعليهم)؛ إنني حيث نقلت من طرق شتى عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال :
«من نقل عني أربعين حديثا إلى أمتي يريد بذلك وجه الله والدار الآخرة، حشره الله تعالى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا» (2).
وقال (صلى الله عليه وآله): «من نقل عني أربعين حديثا كتب في زمرة العلماء، وحشره الله تعالى في جملة الشهداء» (3).
Bogga 36
وقال (صلى الله عليه وآله): «من حفظ أربعين حديثا من سنتي أدخلته يوم القيامة في شفاعتي» (1).
وقال (صلى الله عليه وآله): «إن لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) فضائل لا تحصى، فمن ذكر فضيلة من فضائله أو منقبا من مناقبه لم تزل الملائكة يستغفرون له ما بقي من الكتابة رسم، ومن أسمع الناس فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها أيام حياته»، ثم قال: «النظر في وجه علي عبادة، وذكره عبادة، فإن الله تعالى لا يقبل عملا من أحد إلا بعد ولاية علي وولاية الأئمة من ذريته والبراءة من أعدائه وأعدائهم» (2).
حركني ذلك ورغبني في ذكر اليسير من فضائله، إذ لا يبلغ الثقلان جواب لما أحصي عشر عشرها، قد يتعلقون بالبعض من يسرها، دل على ذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله): «لو كانت الآجام أقلاما والبحار مدادا والإنس والجن حسابا لما أحصوا فضل علي ابن أبي طالب» (3)، وأحبه أن يكون ذلك ذريعة ووسيلة إلى الله تعالى، ويدا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخيه أمير المؤمنين وذريتهما الأئمة الطاهرين (صلوات الله عليه وعليهم أجمعين)، فإنه ورد في الحديث أنه: «ينادي مناد يوم القيامة: من كان له عند رسول الله يد فليقم، فيقول أهل الجمع: بآبائنا وأمهاتنا نفدي رسول الله، فمن ذا الذي له عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) يد؟ فينادي مناد: من أحسن إلى ذرية محمد وأحبهم أو دفع عنهم مكروها أو أسدى إليهم معروفا فهي يد عنده، فيدخل الجمع (صلى الله عليه وآله) ويأخذ بأعضادهم فيدخلهم الجنة» (4)، وأرجو من فضل الله وطوله
Bogga 37
وكرمه ورحمته أن يحصل ذلك ما رجوته وأملته عنه فإني فقير إلى رحمته.
ولم التزم ذكر كل سند، لشهرتها وظهورها بين العلماء وفي كتبها المنقولة فيها والمسندة عن رجالها، بل أذكر الرجل والرجلين من رواتها وأشير فيها إلى كتبها أو ما شذ عن خاطري وبعد عن ناظري، والذي حملني على ذلك: ضيق الوقت، وأن لا يطول الكتاب، ولأمراض ملازمة أو مزمنة؛ وإلى الله تعالى الرغبة في توفير حفظها فيما عند الله تعالى، والدعاء ممن يتأملها وينفع المسلمين بها. وترجمة هذا الكتاب:
«غرر الأخبار ودرر الآثار في مناقب أبي الأئمة الأطهار علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين وإمام المتقين أخو النبي المصطفى المختار (صلوات الله عليهما وسلامه) وتحياته وبركاته ما دجى ليل واستنار نهار» ويشتمل هذا الكتاب على خمسين فصلا ولها في ذكر فضل العلم والعلماء، وأستحث الواقف عليه والناظر فيه على الرغبة في إمعان النظر فيه والتفكر في معانيه.
من الله سبحانه أسأل المعونة والتوفيق لإتمامه والعمل به، وهو سبحانه حسبي ونعم الوكيل، وأنا أذكر فصوله مرتبة مقدمة إن شاء الله تعالى.
الفصل الأول: في فضل العلم والعلماء.
الفصل الثاني: في آداب المتعلم وما ينبغي أن يكون عليه.
الفصل الثالث: في محبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام).
الفصل الرابع: فيما تفرد به أمير المؤمنين (عليه السلام) من المناقب.
Bogga 38
الفصل الخامس: في معناه أيضا.
الفصل السادس: في نوادر من غرائب أخبار.
الفصل السابع: في معنى التفضيل.
الفصل الثامن: في المناظرة في فضل أمير المؤمنين (عليه السلام).
الفصل التاسع: في الجدل عنه (عليه السلام).
الفصل العاشر: في المفاضلة والكلام فيها.
الفصل الحادي عشر: في ذكر مولده (عليه السلام).
الفصل الثاني عشر: في الخصائص التي اختص بها من المؤاخاة لرسول الله (صلى الله عليه وآله).
الفصل الثالث عشر: في الجواهر من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام).
الفصل الرابع عشر: في قول الله تعالى: (وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم) (1).
الفصل الخامس عشر: فيما نزل في أمير المؤمنين من القرآن المجيد.
الفصل السادس عشر: فيما نزل فيه من القرآن وفي الأئمة من ولده.
الفصل السابع عشر: في ذكر يوم الغدير.
الفصل الثامن عشر: في سد الأبواب من المسجد الحرام إلا باب علي أمير المؤمنين.
الفصل التاسع عشر: في المبدأ، وشأن الخلافة، وذر البرية، وأخذ العهد عليهم، وتعلم الأنوار.
الفصل العشرون: في مولد سيدنا رسول الله (صلوات الله عليه وسلامه).
الفصل الحادي والعشرون: في مولد سيدنا رسول الله (صلوات الله عليه وسلامه).
Bogga 39
الفصل الثاني والعشرون، يتضمن: خصائص التقريب له.
الفصل الثالث والعشرون (1)، الفصل الرابع والعشرون، الفصل الخامس والعشرون، الفصل السادس والعشرون، الفصل السابع والعشرون، الفصل الثامن والعشرون، الفصل التاسع والعشرون، الفصل الثلاثون، الفصل الحادي والثلاثون، الفصل الثاني والثلاثون، الفصل الثالث والثلاثون، الفصل الرابع والثلاثون، الفصل الخامس والثلاثون، الفصل السادس والثلاثون، الفصل السابع والثلاثون، الفصل الثامن والثلاثون، الفصل التاسع والثلاثون، الفصل الأربعون، الفصل الحادي والأربعون، الفصل الثاني والأربعون، الفصل الثالث والأربعون، الفصل الرابع والأربعون، الفصل الخامس والأربعون، الفصل السادس والأربعون، الفصل السابع والأربعون، الفصل الثامن والأربعون، الفصل التاسع والأربعون، الفصل الخمسون (2).
Bogga 40
الفصل الأول [في فضل العلم والعلماء]
عن الصادق (عليه السلام) يرفعه ابن بابويه في كتاب المجالس عنه، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال:
«فضل العلم أحب إلى الله تعالى [من] (1) فضل العبادة، وأفضل دينكم الورع» (2).
و: «ميراث الأنبياء العلم» (3).
وقال (صلى الله عليه وآله): «ألا أنبئكم بالفقيه؟» فقالوا: بلى يا رسول الله، فقال: «الفقيه من لم يرخص للناس في معاصي الله، ولم يقنطهم من رحمة الله، ولم يؤمنهم مكر الله، ولم يدع القرآن رغبة إلى غيرها؛ ألا لا خير في قرآن لا تدبر فيها، ألا لا خير في عبادة لا فقه فيها، ألا لا خير في نسك لا ورع فيه» (4).
Bogga 41
وجاء في قوله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) (1)، قال: «من صدق قوله فعله» (2).
وقال (صلى الله عليه وآله): «مجالسة أهل العلم والدين شرف الدنيا والآخرة» (3).
و«زكاة العلم تعليمه من لم يعلمه» (4).
وروي أن عيسى ابن مريم (عليه السلام) قال لبني إسرائيل: «لا تعطوا الحكمة غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم» (5).
ومثله جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «إن معلم الخير يستغفر له أهل السماء والأرض ومن عليهما حتى الحيتان في البحار» (6)، ولا يتكلم أحد بكلمة هدى فيؤخذ بها إلا كان له مثل أجر من أخذ بها، ولا يتكلم بكلمة ضلالا إلا كان عليه مثل وزر من عمل بها» (7)، و«إن طالب العلم يستغفر له كل شيء حتى دواب الأرض وهوامها، ويشيعه ألف ملك حتى يرجع، ومن سلك طريقا إلى علم سلك الله تعالى به طرق الجنة، والملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به، ويستغفر لطلاب العلم من في
Bogga 42
السماء ومن في الأرضين حتى الحيتان في البحار، وفضل العالم على العبد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، والعلماء ورثة الأنبياء، لأنهم لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر، ومن عمل بما علم كفي ما لم يعلم» (1).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «النار والزبانية أسرع إلى فساق أهل القرآن منهم إلى عبدة الأوثان فيشكون، يقولون: ربنا، النار والزبانية أسرع إلينا من عبدة الأوثان، فيقول الله تعالى: ليس من علم كمن لا يعلم» (2).
وقال: «أشد الناس عذابا يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه»، وقال (عليه السلام):
«ثلاث خصال من كمال الدين، بهن يكمل المسلم: التفقه في الدين، والتقدير في المعيشة، والصبر على النوائب» (3).
وقال (عليه السلام): «يا علي، لئن يهتدي بهداك رجل من ضلال خير مما طلعت عليه الشمس» (4).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «المتعبد من غير فقه- أو قال: علم- كحمار الطاحونة، تدور ولا يبرح من موضعه، وركعتان من عالم أفضل عند الله تعالى من سبعين ركعة
Bogga 43
من جاهل، لأن العالم تأتيه الفتنة فيخرج منها بعلمه، وتأتي الجاهل فتنسفه نسفا» (1).
وقال (عليه السلام): «قليل العمل مع كثير العلم كثير، وكثير العمل مع قليل العلم قليل» (2).
وقال (عليه السلام): لو [أن حملة العلم] (3) حملوه بحقه لأحبهم الله وملائكته والمؤمنون، ولكن حملوه لطلب الدنيا، فمقتهم الله تعالى وهانوا على الناس» (4).
وقال (عليه السلام): «قيمة كل امرئ ما يحسنه» (5).
Bogga 44
الفصل الثاني [في آداب المتعلم وما ينبغي أن يكون عليه]
روى عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده علي (عليه السلام)، قال: «إن من حق العالم على المتعلم: أن لا يكثر السؤال عليه، ولا يبدي ولا يسبقه في الجواب، ولا يلح عليه إذا [أ] عرض، ولا يأخذ بثوبه إذا كسل، ولا يشير إليه بيده، ولا يغمزه بعينه، ولا يشاوره في مجلسه، ولا [تطلب] عوراته، وأن لا يقول: قال فلان خلاف قولك، ولا يفشي له سرا، ولا يغتاب عنده أحدا، وأن يحفظه شاهدا وغائبا، ويعم القوم بالسلام ويخصه بالتحية، ولا يجلس بين يديه، وإن كانت له حاجة سبق القوم إلى خدمته، ولا يمل من طول صحبته، فإنما هو مثل النخلة تنتظر متى تسقط عليك منها منفعة، والعالم بمنزلة الصائم القائم المجاهد في سبيل الله، وإذا مات العالم انثلم في الإسلام ثلمة لا تسد إلى يوم القيامة، وإن طالب العلم يشيعه سبعون ألف ملك من مقربي السماء» (1).
وقال (عليه السلام): «العلماء ثلاثة: عبد علم علما فعمل به وأفشاه فكان له نورا يوم القيامة وكان أحد مثل من عمل به، وعبد علم علما فلا هو عمل به ولا أفشاه فهو
Bogga 45
حجة عليه يوم القيامة يكون عليه ظلمة، وعبد علم علما ولم يطق أن يعمل به فأقام السنن والفرائض فكان له نورا يوم القيامة».
وقال (عليه السلام): «تعلموا العلم وتعلموا الحلم، فإن العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل دليله، والرفق أخوه، واللين والده، والصبر أمير جنوده» (1).
وقال عيسى بن زيد لابنه: احرص على الأدب واتخذ الحلم جنة والعقل مروة والعلم كنزا والتواضع عزا والصبر حرزا، واعلم أن من زهد في العلم ندم، ومن غفل عن العلم عقم، وترك العلم سفه، ومن رغب عن مجالسة العلماء جهل، ومن لم يصن نفسه عن المحارم عمي عن الهدى واستفتح باب الردى، فليكن الأدب أزين زينتك، والعقل أفضل حليتك، والعلم أعلى تبيانك، والحلم أحصن كهفك، تدرك بذلك الدرجة العالية في الدنيا والآخرة، وتسكن جنة ربك.
Bogga 46
الفصل الثالث في محبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام)
عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: أهدي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قنو من موز فجعل يقشر الموز ويجعله في فم علي (عليه السلام)، فقال له قائل: إنك تحب عليا؟ فقال: «أوما علمت أن عليا مني وأنا منه؟» (1).
وقالت عائشة: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد التزم عليا وهو يقول: «بأبي الوحيد الشريد الشهيد» (2).
وقال (صلى الله عليه وآله): «أتاني جبرئيل (عليه السلام) بورقة من آس أخضر مكتوب عليها ببياض:
أني افترضت محبة علي بن أبي طالب على خلقي فبلغهم ذلك عني» (3).
وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لو اجتمع الناس على حب علي بن
Bogga 47
أبي طالب لما خلق الله نارا» (1).
وعن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا علي، لو أن عبدا عبد الله تعالى بمثل عمر نوح في قومه وكان له مثل أحد ذهبا أنفقه في سبيل الله ومد في عمره حتى حج ألف عام على قدميه، ثم قتل بين الصفا والمروة مظلوما، ثم لم يوالك لم يشم ريح الجنة ولم يدخلها» (2).
وقال رجل لسلمان رضى الله عنه: ما أشد حبك لابن أبي طالب؟ فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «من أحب عليا فقد أحبني، ومن أبغض عليا فقد أبغضني» (3).
وقال (صلى الله عليه وآله): «طوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب فيك» (4).
وعن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن الله تعالى خلق من نور وجه علي بن أبي طالب سبعين ألف ملك يستغفرون له ولمحبيه إلى يوم القيامة» (5).
وعن الحسن البصري، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إذا كان يوم القيامة يقعد علي بن أبي طالب (عليه السلام) على الفردوس، وهو جبل يعلو على الجنة فوق عرش الرحمن، ومن سفحه تتفجر أنهار الجنة وتتفرق في الجنان، وهو جالس على كرسي يجري من بين يديه التسنيم، لا يجوز أحد الصراط إلا ببراءة من
Bogga 48
عدوه وبولايته وولاء أهل بيته، يشرف على الجنة فيدخل محبيه إليها، ويشرف على النار فيدخل مبغضيه إليها» (1).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «دخلت الجنة ليلة أسري بي فرأيت فيها شجرة تحمل الحلي والحلل، في أسفلها خيل بلق، وأوسطها الحور العين، وفي أعلاها الرضوان، فقلت: يا جبرئيل، لمن هذه الشجرة؟ فقال: لابن عمك علي بن أبي طالب إذا أمر الله تعالى خلقه بالدخول إلى الجنة، يؤتى بشيعة علي حتى يبدأ بهم إلى الشجرة فيلبسون من الحلي والحلل ويركبون هذه الخيل، وينادي (2) مناد: هذه (3) شيعة علي، صبروا في الدنيا على الأذى فجزوا اليوم هذا الجزاء» (4).
(وعن) (5) بريدة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «حب علي بن أبي طالب حسنة لا يضر معها سيئة مع أداء الفرائض، وبغضه سيئة لا ينفع (6) معها حسنة ولو أدى (7) الفرائض» (8).
وقال (صلى الله عليه وآله): «من أحب أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل جنة عدن التي
Bogga 49
وعدني ربي، فليوال علي بن أبي طالب من بعدي وذريته الطاهرين، فإنهم لا يخرجونكم من هدى إلى ضلالة، وهم مفاتيح الدجى ومصابيح الهدى (1) والعروة الوثقى، والأئمة لمن اهتدى».
وعنه (2)(صلى الله عليه وآله) قال: «من زعم أنه آمن بي وبما جئت به من عند الله تعالى وهو يبغض علي بن أبي طالب فهو كاذب منافق ليس بمؤمن، ومن أحب أن يتمسك بالقضيب من الياقوت الأحمر الذي غرسه الله تعالى في جنة عدن فليتول عليا من بعدي، فو الذي نفسي بيده لا تزل قدم عبد (3) عن قدم يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله مما اكتسبه وفيما أنفقه، وعن حبنا أهل البيت».
فقال عمر بن الخطاب: فما حبكم يا رسول الله؟
فوضع يده على رأس علي وهو إلى جانبه، وقال: «حب هذا أخي من بعدي».
وقال (صلى الله عليه وآله): «إن السعيد كل السعيد من أحب عليا في حياته وبعد وفاته، والشقي كل الشقي من أبغض عليا في حياته وبعد وفاته».
وعن أبي الحمراء، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى يحيى في زهده، وإلى موسى في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)» (4).
وعن بريدة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لكل نبي وصي ووارث، وإن عليا وصيي ووارثي» (5).
Bogga 50
وعن أبي هريرة، قال: رأيت عليا (عليه السلام) على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليه مدرعة متقلدا (1) بسيفه وفي إصبعه خاتمه وهو يقول: اسألوني (2) قبل أن تفقدوني، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) زقني بالعلم زقا من غير وحي أوحي إلي، والله لو ثني لي عن الوسادة (3) لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وأهل (4) الإنجيل بإنجيلهم، وأهل (5) الزبور بزبورهم، وأهل (6) الفرقان بفرقانهم، حتى يرد (7) كل كتاب بما فيه ويقول:
صدق علي، قد (8) أفتاكم بما أنزل الله وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون».
وقال (عليه السلام): «وما نزلت آية في كتاب الله إلا وقد علمت فيمن نزلت وفيما نزلت وإن ربي وهب (9) لي لسانا طلقا وقلبا عقولا» (10).
وعن أبي رافع، عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، قال: «دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورأسه في حجر رجل أحسن من رأيته من الخلق وهو قائم (11)، فقال (12): ادن إلى ابن عمك فإنك أحق به مني، فدنوت فقام الرجل وجلست مكانه ووضعت رأس
Bogga 51
النبي (صلى الله عليه وآله) في حجري كما كان في حجره، فمكثت ساعة (ثم انتبه، فقال: ممن أخذت رأسي؟ فقلت: من رجل قال لي كذا، قال: ألم تعرفه؟ ذلك جبرئيل) (1).
وعن ابن زيد، قال: لما آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) (بين أصحابه) (2) قال: «يا علي، أنت أخي ومنزلتك مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وأول من يدعى يوم القيامة أنا فأقوم عن يمين العرش في ظله فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعى بالنبيين بعضهم في إثر بعض فيقومون سماطين عن يمين العرش، ويلبسون حللا خضراء من حلل الجنة، إلا أني أخبرك أن أمتي أول الأمم حسابا يوم القيامة، ثم إنه أول من يدعى بك لقرابتك مني ومنزلتك عندي فتكسى حلة خضراء، ويدفع إليك لوائي، طوله مسيرة ألف عام، سنانه ياقوته حمراء، قبضته فضة بيضاء، له ثلاث ذوائب من نور، ذؤابة في المشرق، وذؤابة في المغرب، والثالثة وسط الدنيا، مكتوب عليه ثلاثة أسطر:
أ: بسم الله الرحمن الرحيم.
ب: الحمد لله رب العالمين.
ج: لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله.
طول كل سطر ألف سنة، وعرضه ستمائة سنة، تسير به والحسن عن يمينه والحسين عن يساره (3)، حتى تقف بين إبراهيم وبيني في ظل العرش، ثم ينادي مناد من تحت العرش: نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك علي.
Bogga 52
أبشر يا علي، إنك (1) تكسى إذا كسيت، وتدعى إذا دعيت، وتحيى إذا حييت» (2).
وعن ابن عباس، قال: لما قتل علي عمرا (3) جاء برأسه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيفه يقطر دما، فكبر (صلى الله عليه وآله) وكبر المسلمون، وقال (4): «اللهم أعط عليا فضيلة لم تعطها أحدا قبله ولا بعده»، فهبط جبرئيل ومعه أترجة من الجنة، فقال: «إن الله تعالى يقرأ عليك السلام ويقول لك: يحيى عليا (عليه السلام) بهذه»، فدفعها إليه، فانفلقت فلق (5) في يده، فإذا فيها مكتوب في حريرة (6) بيضاء: «تحية من الطالب الغالب لعلي بن أبي طالب» (7).
وعن عمار بن ياسر رضى الله عنه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن حافظي علي بن أبي طالب ليفتخران على جميع الحفظة، لأنهما لم يصعدا إلى الله عنه (8) بشيء يسخطه» (9).
وعنه (صلى الله عليه وآله) قال: «ثلاث لا يجتمعن إلا في كريم: حسن المحضر، واحتمال زلات
Bogga 53
الإخوان، وقلة الملامة للصديق » (1).
وعن علي (عليه السلام)، قال: «سادات الناس في الدنيا الأسخياء، وفي الآخرة الأتقياء» (2).
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سميت (ابنتي) (3) فاطمة، لأن الله تعالى فطم من أحبها من النار» (4).
Bogga 54