السرور في بشرتهم كما أثر السواد في بشرة الأشقياء . ولهذا قال في الفريقين بالبشرى ، أي يقول لهم قولا يؤثر في بشرتهم فيعدل بها إلى لون لم تكن البشرة تتصف به قبل هذا . فقال في حق السعداء "يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وقال في حق الأشقياء "فبشرهم بعذاب أليم ، فأثر في بشرة كل طائفة ما حصل في نفوسهم من أثر هذا الكلام . فما ظهر عليهم في ظاهرهم إلا حكم ما استقر (44-ب) في بواطنهم من المفهوم . فما أثر فيهم سواهم كما لم يكن التكوين إلا منهم . فلله الحجة البالغة . فمن فهم هذه الحكمة وقررها في انفسه وجعلها مشهودة له (1) أراح نفسه من التعلق بغيره وعلم أنه لا يؤتى علي بخير ولا بشر إلا منه . وأعني بالخير ما يوافق (2) غرضه ويلائم طبعه ومزاجه وأعني بالشر ما (2) لا يوافق غرضه ولا يلائم طبعه ولا (3) مزاجه . ويقيم صاحب هذا الشهود معاذير الموجودات كلها عنهم وإن لم يعتذروا ، ويعلم أنه منه كان كل ما هو فيه كما ذكرناه أولا في أن العلم تابع للمعلوم ، فيقول لنفسه إذا جاءه ما لا يوافق غرضه : يداك أوكتا وفوك نفخ . والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
Bogga 118