12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
إعلم أن القلب - أعني قلب العارف بالله - هو من رحمة الله ، وهو أوسع منها ، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه : هذا لسان العموم (1) من باب الإشارة ، فإن (2) الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه . وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله (3) وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس : وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس (4) إلا هو ، وأنها طالبة ما تعطيه من 55 الحقائق وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم . فالألوهية (6) تطلب المألوه ، والربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا . والحق من حيث ذاته غني عن العالمين . والربوبية ما لها هذا الحكم فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف (8) إلا عين هذه الذات . (1-45) فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به (9) نفسه من الشفقة على عباده . فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية (10) بحقيقتها وجميع الأسماء (11) الإلهية.
فيثبت(12) من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق ، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة . هذا مضى (13) ، ثم لتعلم أن الحق تعالى كما
Bogga 119