ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، وهو الأول إذ كان ولا هي، وهو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، "وهو بكل شيء عليم " لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالاسماء صحة النسب اللإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال : "اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي" أي آخذ(1) عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي. أين المتقون؟ أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة ، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع . وقد(2) يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد . فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم . "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب" وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدأ . وإذا كان الحق وقاية للحق بوجه والعبد وقاية للحق بوجه فقل في الكون ما شئت : إن شئت قلت هو الخلق ، وإن شئت اقلت هو الحق وإن شئت قلت هو الحق الخلق"وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه ، وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك (42 -1) فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب . ولولا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفتته بخلع الصور عن نفسه.
Bogga 112