أوله(1) العماء الذي ما فوقه هواء وما تحته هواء . فكان الحق فيه قبل أن يخلق الخلق . ثم ذكر أنه استوى على العرش، فهذا أيضا تحديد . ثم ذكر أنه ينزل إلى السماء(2) الدنيا فهذا تحديد. ثم ذكر أنه في السماء وأنه في الأرض وأنه معنا أينما كنا إلى أن أخبرتا أنه عيننا. ونحن محدودون ، فما وصف نفسه إلا بالحد . وقوله ليس كمثله شيء حد أيضا إن أخذنا الكاف زائدة لغير الصفة . ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس (3) عين هذا المحدود . فالإطلاق عن التقيد تقييد(4) والمطلق مقيد بالاطلاق لمن فهم . وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه ؛ وإن أخذنا " ليس كمثله شيء " على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الاشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها . فهو محدود بحد كل محدود(5) .
فما يحده شيء إلا وهو حد الحق . فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، "فهو علىكلشيء حفيظ بذاته ؛ "ولا يئوده " حفظ شيء . فحفظه تعالى للاشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشيء غير صورته(6) . ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود . فالعالم صورته ، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير .
فهو الكون كله
وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه
ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاوه
وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظر
ت بوجه تعوذي
Bogga 111