فلما ساقهم إلى ذلك الموطن حصلوا في عين القرب فزال البعد فزال مسمى جهنم في حقهم ، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق لأنهم مجرمون . فما أعطاهم هذا المقام (39-ب) الذوقي اللذيذ من جهة المنة، وإنما أخذوه(1) بما استحقته حقائقهم من أعمالهم التي كانوا عليها ، وكانوا في السعي في أعمالهم على صراط الرب المستقيم لان نواصيهم كانت بيد من له هذه الصفة . فما مشوا بنفوسهم وإنما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب . " ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون " : وإنما هو يبصر فإنه مكشوف الغطاء "فبصره حديد" . وما خص ميتا من ميت أي ما خص سعيدا في القرب (2) من شقي . " ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" وما خص إنسانا من إنسان . فالقرب الإهي من العبد لا خفاء به في الإخبار الالهي.
فلا قرب أ قربمن أن تكون هويته عين أعضاءالعبد وقواه، وليس العبد سوى هذه الأعضاء والقوى فهو(3)حق مشهود في خلق متوهم. فالخلق معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود. وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم المعقول والخلق مشهود . فهم بمنزلة الماء الملح (4) الأجاج ، والطائفة الأولى بمنزلة الماء العذب الفرات السائغ لشاربه . فالناس على قسمين : من الناس من يمشي على طريق يعرفها (6) ويعرف غايتها ، فهي في حقه صراط مستقيم (5) . ومن الناس من يمشي على طريق يجهلها ولا يعرف غايتها وهي عين(3) الطريق التي عرفهاالصنف الآخر. فالعارف يدعو إلى الله على بصيرة، وغير العارف يدعو إلى الله على التقليد
Bogga 108