لحقيقتك بربك . فإن قلت: إن النورأخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح. فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر(1) مما تظهر في غيره . فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قواه وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق. مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه : وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد. وإذا كان الأمر على ما قررناه(2) فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال. فالوجود كله خيال في خيال، والوجودالحق إنما هو الله(3) خاصة من حيث ذاته وعينه لا من حيث أسماؤه ،لأن أسماءه لها مدلولان : المدلول الواحد عينه وهو عين المسمى"والمدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم(4) به عن هذا الاسم الآخر ويتميز . فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟
فقد بان لك بما هو كل اسم عين: الاسم الآخر (37 - ب) وبما هو غير الاسم الآخر . فيما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.
فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه . فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية ، وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم . ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين . وإذا(5) كانت غنية عن العالمين(5) فهو
Bogga 104