أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان ، وليس إلا عين الكيد ، فقال : إن الشيطان للانسان عدو مبين " أي ظاهر العداوة . ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر : " هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا " أي أظهرها في الحس بعدما كانت في صورة الخيال ، فقال (1) النبي محمد صلى الله عليه وسلم : " الناس نيام "، فكان قول يوسف : " قد جعلها ربي حقا " بمنزل من رأي في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها . ولم يعلم (35 _ ب) انه في النوم عينه ما برح ؛ فإذا استيقظ يقول رأيت كذا (2) ورأيت .كأني استيقظت وأولتها بكذا. هذا مثل ذلك. فانظر (3) كم بين إدراك محمد صلى الله عليه وسلم وبين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال : "هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا " . معناه حسا أي محسوسا ، وما كان الا محسوسا ، فإن الخيال لا يعطي أبدا (4) إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له .
فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم . وسأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله فنقول : إعلم أن المقول عليه "سوى الحق " أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص ، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس (5) ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل : حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل : كان الظل معقولا غير موجود في الحس ، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان
Bogga 101