بها أيضا ، وإنما يردعها طلبا للصحة - والصحة من الطبيعة أيضا - بإنشاء مزاج آخر يخالف (1) هذا المزاج . فإذن ليس الطبيب بخادم للطبيعة ، وإنما هو خادم لها من حيث انه لا يصلح جسم المريض ولا يغير ذلك (2) المزاج إلا بالطبيعة أيضا . ففي حقها يسعى من وجه خاص غير عام لأن العموم لا يصح في مثل هذه المسألة . فالطبيب خادم لا خادم أعني للطبيعة ، وكذلك الرسل والورثة في خدمة الحق . والحق (3) على وجهين في الحكم في أحوال المكلفين ، فيجري الأمر (34 -1) من العبد بحسب ما تقتضيه إرادة الحق ، وتتعلق إرادة الحق به بحسب ما يقتضي (4) به علم الحق ، ويتعلق علم لحق به على حسب ما أعطاه المعلوم من ذاته : فما ظهر إلا بصورته . فالرسول والوارث خادم الأمر الإلهي بالإرادة ، لا خادم الإرادة . فهو يرده عليه به طلبا لسعادة المكلف (5) . فلو خدم الإرادة الإلهية ما نصح وما نصح إلا بها أعني بالإرادة . فالرسول والوارث طبيب أخروي للنفوس منقاد لأمر الله حين أمره، فينظر في أمره تعالي وينظر في إرادته تعالي، فيراه قد أمره بما يخالف إرادته ولا(6) يكون إلا ما يريد، ولهذا كان الأمر. فأراد الأمر فوقع، وما أراد وقوع ما أمر به بالمأمور (7) فلم يقع من المأمور ، فسمي مخالفة ومعصية. فالرسول مبلغ : ولهذا قال شيبتني "هود" وأخواتها لما تحوي عليه من قوله "فاستقم كما أمرت
Bogga 98