على ذلك، ولا بد من أحدهما لأن الأمر حق في نفسه . فعلى كل حال قد صح انقياد الحق إلى عبده لأفعاله وما هو عليه من الحال . فالحال هو المؤثر. فمن هنا كان الدين جزاء أي معاوضة بما يسره وبما لا يسر: فبما يسر(1) "رضي الله عنهم ورضوا عنه هذا جزاء(2) بما يسر4" ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا " هذا جزاء بما لا يسر: ونتجاوز عن سيئاتهم " هذا جزاء(3) . فصح أن(4) الدين هو الجزاء ؛ وكما أن الدين هو الإسلام والإسلام عين الانقياد فقد انقاد إلى ما يسر وإلى ما لا يسر وهو الجزاء . هذا لسان(5) الظاهر في هذا الباب . وأما سره وباطنه فإنه تجل(6) في مرآة وجود الحق : فلا يعود على الممكنات من الحق إلا ما تعطيه (7) ذواتهم في أحوالها ، فإن هم في كل حال صورة ، فتختلف (33-1) صورهم لاختلاف أحوالهم ، فيختلف التجلي لاختلاف الحال، فيقع الأثر في العبد بحسب ما يكون فما أعطاه الخير سواه ولا أعطاه ضد الخير غيره؛ بل هو منعم ذاته ومعذبها. فلا يذمن إلا نفسه ولا يحمدنء إلا نفسه. " فلله الحجة البالغة في علمه بهم إذ العلم يتبع المعلوم .ثم السر الذي فوق هذا في مثل هذه المسألة أن الممكنات على أصلها من العدم، وليس وجود إلا وجود الحق بصور أحوال ما هي عليه الممكنات في أنفسها وأعيانها . فقد(8) علمت من يلتذ ومن(9) يتألم وما يعقب كل حال من الأحوال وبه سمي عقوبة وعقابا(10) وهو سائغ في الخير والشر غير أن العرف سماه في الخير ثوابا وفي الشر عقابا ، وبهذا سمى أو شرح الدين بالعادة ، لأنه عاد علي ما يقتضيه ويطلبه حاله : فالدين العادة : قال الشاعر:
كدينك من أم الحويرث قلبها ~
Bogga 96