من فعلك . فما(1) سعدت إلا بما كان منك . فكما أثبت للسعادة لك ما كان فعلك(1) كذلك ما أثبت الأسماء الإلهية إلا أفعاله وهي أنت وهي المحدثات.
فبآثاره سمي إلها وبآثارك(2) سميت سعيدا . فأنزلك الله تعالى منزلته إذا أقمت الدين وانقدت إلى ما شرعه لك. وسأبسط في ذلك إن شاء الله ما تقع به الفائدة بعد أن نبين الدين الذي عند الخلق الذي اعتبره الله . فالدين كله لله وكله منك لا منه إلا بحكم الأصالة. قال الله تعالى "ورهبانية ابتدعوها" وهي النواميس الحكمية التي لم يجىء الرسول المعلوم بها في العامة من عند الله بالطريقة الخاصة المعلومة في العرف . فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي ، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، "وما كتبها الله عليهم" . ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية(3) والرحمة من حيث لا يشعرون جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه- يطلبون بذلك رضوان الله - على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي فقال : "فما رعوها" : هؤلاء الذين شرعوهاوشرعت لهم : و حق رعايتها" "إلا ابتغاء رضوان الله " وكذلك اعتقدوا فآتينا الذين آمنوا " بها "منهم أجرهم ، (32 -ب) " وكثير منهم" : أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة "فاسقون " أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها . ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه (4) بما يرضيه . لكن الأمر يقتضي الانقياد : وبيانه أن المكليف إما منقاد بالموافقة وإما مخالف ؛ فالموافق المطيع لا كلام فيه لبيانه ؛ وأما المخالف(5) فإنه يطلب بخلافه الحاكم عليه من الله أحد أمرين إما التجاوز والعفو، وإما الأخذ
Bogga 95