4 - فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية
العلو نسبتان ، علو مكان وعلو مكانة . فعلو المكان "ورفعناه مكانأ عليا" وأعلى الأمكنة المكان الذي تدور عليه رحى عالم الأفلاك وهو فلك الشمس وفيه مقام روحانية إدريس عليه السلام (1) . وتحته سبعة أفلاك وفوقه سبعة أفلاك وهو الخامس عشر . فالذي فوقه فلك الأحمر وفلك المشترى وفلك كيوان وفلك المنازل والفلك الأطلس فلك البروج (2) وفلك الكرسي وفلك العرش . والذي دونه فلك الزهرة وفلك الكاتب ، وفلك القمر ، وكرة الأثير ، وكرة الهوى ، وكرة الماء، وكرة التراب . فمن حيث هو قطب الأفلاك هو رفيع المكان . وأما علو المكانة فهو لنا أعني المحمديين . قال الله تعالى " وأنتم الأعلون والله معكم " في هذا العلو ؛ وهو يتعالى عن المكان لا عن المكانة . ولما خافت نفوس العمال منا أتبع (21-1) المعية بقوله(4 ولن يتركم أعمالكم " : فالعمل يطلب المكان والعلم يطلب المكانة ، فجمع لنا بين الرفعتين علو المكان بالعمل وعلو المكانة بالعلم . ثم قال تنزيها للاشتراك بالمعية "سبح اسم ربك الأعلى عن هذا الاشتراك المعنوي . ومن أعجب الأمور كون الإنسان أعلى الموجودات ، أعني الإنسان الكامل ، وما نسب إليه العلو إلا بالتبعية ، إما إلى المكان وإما إلى المكانة وهي المنزلة . فما كان علوه لذاته . فهو العلي بعلو المكان وبعلو المكانة . فالعلو لهما . فعلو المكان.
Bogga 75