مكة إلى المدينة لأن أهل الدين بالمدينة كانوا قليلين ضعيفين، فكان الواجب على من أسلم أن يهاجر إلى رسول الله ﷺ إن حدث حادث استعان بهم في ذلك، فلما فتحت مكة استغنى عن ذلك، إذ كان معظم الخوف من أهلها، فأمر المسلمون أن يقيموا في أوطانهم ويكونوا على نية الجهاد مستعدين لأن ينفروا إذا استنفروا.
قال المصنف: يتضمن الحديث على هذا القول معجزة لرسول الله، وهي أن مكة تبقى دار الإسلام لا يتصوّر منها الهجرة. قال: وقيل معنى الحديث: لا هجرة بعد الفتح، فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح. قال تعالى: ﴿لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل﴾ (الحديد: ١٠) الآية اهـ (ولكن جهاد ونية) قال الطيبي: كلمة لكن تقتضي مخالفة ما بعدها لما قبلها: أي: المفارقة عن الأوطان المسماة بالهجرة المطلقة انقطعت لكن المفارقة بسبب الجهاد باقية مدى الدهر، وكذا المفارقة بسبب نية خالصة تعالى كطلب العلم والفرار بدينه ونحوه. وقال المصنف تحصيل الخبر بسبب الهجرة قد انقطع بالفتح، ولكن حصلوه بالجهاد والنية (وإذا استنفرتم) أي: طلبكم الإمام للخروج إلى الجهاد، ويحتمل العموم أي إذا استنفرتم إلى الجهاد ونحوه (فانفروا) بكسر الفاء على الأفصح ويجوز ضمها وبالأول جاء القرآن: أي أخرجوا (متفق عليه) ورواه أبو داود، وروى بعضه الإمام أحمد وابن حبان وأبو عوانة والدارمي وابن الجارود وقال الترمذي: إنه حسن صحيح. نقله العزّبن فهد في «الأربعين» التي خرّجها في الجهاد (ومعناه لا هجرة من مكة) أي بعد الفتح واجبة: لأنها وجبت منها أو لا لكونها كانت دارًا للكفر وقد زال بفتحها فلا يجب منها (لأنها صارت دار إسلام) أو معناه كما يؤخذ من كلام الخطابي: لا هجرة إلى المدينة واجبة على من آمن
1 / 63