وأمن على دينه بعد الفتح، لأنها إنما وجبت أو لا لكون المسلمين بالمدينة يومئذٍ كانوا قليلين، فكان الواجب على من أسلم الهجرة إلى رسول الله ﷺ إعانة له، واستغنى عن ذلك بعد فتح مكة لأن معظم الخوف كان من أهلها.
٤٤ - (وعن أبي عبد الله جابربن عبد الله الأنصاري) الخزرجي السلمي بفتح اللام لنسبته إلى سلمةبن سعد. روي عنه أنه قال: «غزوت مع رسول الله ﷺ تسع عشرة غزوة ولم أشهد بدرًا ولا أحدًا، منعني أبي، فلما قتل أبي لم أتخلف عن رسول الله ﷺ في غزوة قط» . وعنه قال: أنا وأبي وخالي من أصحاب العقبة وكان أبوه يومئذٍ أحد النقباء. وكان جابر من أصغر الصحابة سنًا. وكان من ساداتهم وفضلائهم المتحفين بحبّ رسول الله. روي له عن رسول الله ﷺ ألف وخمسمائة وأربعون حديثًا اتفقا منها على ستين، وانفرد البخاري بستة عشر، ومسلم بمائة وستة وعشرين. توفي بالمدينة بعد أن كفّ بصره سنة ثلاث وسبعين وهو ابن أربع وتسعين سنة، وصلى عليه أبانبن عثمان، وكان والي المدينة، وجابر آخر الصحابة موتًا بالمدينة ﵄ أشار إلى أنه ينبغي لكل من ذكر صحابيًا أبوه صحابي، أي وقد ذكره، أن يقول ﵄ (قال: كنا مع النبيّ في غزاة) هي غزوة تبوك كما صرحت به رواية البخاري الآتية. وفي «النهاية» غزا يغزو غزوا فهو غاز، والغزوة: المرّة من الغزو، والاسم الغزاة: أي: بفتح الغين، وجمع الغازي غزاة بضمها وغزى وغزىّ وغزاة كقضاة وفسق وحجيج وفساق اهـ (فقال: إنّ بالمدينة لرجالًا ما سرتم مسيرًا) أي: سيرًا أو في مكان سير، فهو مصدر ميمي أو اسم مكان (ولا قطعتم واديًا) فيه إشارة إلى قوله تعالى: ﴿ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل ا﴾ (التوبة: ١٢٠) إلى قوله: ﴿ولا يقطعون واديًا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون﴾ (التوبة: ١٢١) (إلا كانوا معكم) أي: شركوكم في الأجر كما في الرواية الثانية «وكان لهم مثل أجركم مضاعفًا» لصحة نيتهم في مباشرة كل ما باشره إخوانهم المجاهدون (حبسهم)
1 / 64