نياتهم» (يخسف بأولهم وآخرهم) أي: بجملة القوم تابعهم ومتبوعهم لشؤم الأشرار (ثم يبعثون) ويعاملون عند الحساب (على نياتهم) فيعامل كل بقصده من الخير أو الشر. وفي الحديث: أن من كثر سواد قوم في المعصية مختارًا أن العقوبة تلزمه معهم. وفيه أن الأعمال تعتبر بنية العامل، وفيه التحذير من مصاحبة أهل الظلم ومجالستهم وتكثير سوادهم إلا لمن اضطرّ إلى ذلك (متفق عليه) ورواه أيضًا غيرهما، و(هذا) المذكور (لفظ البخاري) ولمسلم ألفاظ وهي بنحو ما ذكر، فمن ألفاظه. فقلنا: إن الطريق تجمع الناس. قال: «نعم فيهم المستنصر لذلك» أي: للمقاتلة «والمجبور» بالجيم الموحدة: أي المكره «وابن السبيل» أي: سالك الطريق معهم وليس منهم. فقال «يهلكون مهلكًا واحدًا ويصدرون مصادر شتى، يبعثهم الله على نياتهم» .
٣٣ - (وعن عائشة ﵂ قال قالت النبيّ: لا هجرة) أي: من مكة (بعد الفتح) أي: فتحها، وجاء في حديث للبخاري مرفوعًا «لا هجرة بعد فتح مكة» وكان في رمضان سنة ثمان من الهجرة. وذلك أن الهجرة: أي مفارقة دار الكفر إلى دار الإسلام كانت واجبة على من بمكة فيجب على من أسلم بها أن يهاجر منها إلى المدينة لكونها كانت دار كفر فلما فتحت صارت دار إسلام، أما الهجرة من المواضع التي لا يتأتى إقامة أمر الدين فيها فهي واجبة اتفاقًا، وعلى ذلك يحمل حديث «لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار» قال الخطابي: كانت الهجرة على معنيين: أحدهما أنهم إذا أسلموا وأقاموا بين قومهم أو ذوا، فأمروا بالهجرة ليسلم لهم دينهم ويزول عنه الأذى. والآخر الهجرة من
1 / 62