Dala'il al-I'jaz
دلائل الإعجاز ت الأيوبي
Baare
ياسين الأيوبي
Daabacaha
المكتبة العصرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Goobta Daabacaadda
الدار النموذجية
Noocyada
المَعنى، كما لا يَخْفى، على أنَّ القسْمَ ثابتٌ موجود، وليس القصدُ بالنفي إليه، ولكنْ إلى أن يكونَ هو الجالبَ له، ويكونَ قد جرَّه إلى نفسه. ومثله في الوضوح قوله [من الطويل]:
وما أنا وَحدي قلتُ ذا الشعرَ كلَّهُ
الشعرُ مَقولٌ على القَطْع والنفي، لأن يكونَ هوَ وحْدَه القائلَ له.
مواضع التقديم والتأخير - النفي
وهاهنا أَمران يَرتفعُ معهما الشكُّ في وجوب هذا الفَرْق، ويَصيرُ العِلمُ به كالضرورة.
(أحَدُهما) أنه يَصِحُّ لكَ أن تقول: (ما قلتُ هذا، ولا قاله أحدٌ من الناس)، (وما ضربتُ زيدًا ولا ضَرَبَه أحدٌ سوِاي): ولا يصحُّ ذلك في الوجه الآخر. فلو قلتَ: (ما أنا قلتُ هذا، ولا قاله أحدٌ من الناس، وما أنا ضَربتُ زيدًا ولا ضرَبَهُ أَحدٌ سواي)، كان خَلْفًا من القول، وكان في التناقض بمنزلة أن تقول: (لستُ الضاربَ زيدًا أمسِ): فتُثْبِتَ أنه قد ضُربَ؛ ثم تقولَ مِنْ بَعدهِ: (وما ضَرَبَه أحدٌ مِن الناس): ولستَ القائلَ ذلك: فتُثبِتَ أنه قد قيل، ثم تجيءَ فتقولَ. وما قاله أَحدٌ من الناس.
والثاني من الأمرين أَنك تقول: (ما ضربتُ إلاَّ زيدًا): فيكونُ كلامًا مسْتقيمًا، ولو قلت: (ما أنا ضربتُ إلاَّ زيدًا): كان لَغُوًا من القول، وذلك لأن نَقْضَ النفي "بإلاَّ"، يَقْتضي أن تكونَ ضربْتَ زيدًا؛ وتقديمُكَ ضميرَك وإيِلاؤه حَرْفَ النفْي، يقتضي نَفْي أن تكون ضَرَبْتَه، فهما يتدافعان، فاعرفْه!
المفعول المنفيّ
ويجيء لك هذا الفرقُ على وَجْهه في تقديمِ المفعول وتأخيره؛ فإذا قلت: (ما ضربتُ زيدًا): فقدَّمْتَ الفعلَ، كان المعنى أَنك قد نَفيْتَ أن يكونَ قد وقَع ضَرْبٌ منك على زيدٍ، ولم تَعرِضْ في أَمرٍ غَيرهِ لنفيٍ ولا إثبات، وتركْتَه مُبْهَمًا محتمَلًا. وإذا قلتَ: (ما زيدًا ضربتُ): فقدَّمْتَ المفعول، كان المعنى على أنَّ ضرْبًا وقعَ منكَ على إنسانٍ، وظُنَّ أنَّ ذلك الإنسانَ زيدٌ، فنفيتَ أَن يكون إياه. فلك أن تقول في الوجه الأول: (ما ضربتُ زيدًا ولا أحدًا من الناس) وليس لك في الوجه الثاني. فإنْ قلتَ: (ما زيدًا ضربتُ ولا أحدًا من الناس)، كان فاسدًا على ما مضى في الفاعل.
1 / 149