Dala'il al-I'jaz
دلائل الإعجاز ت الأيوبي
Baare
ياسين الأيوبي
Daabacaha
المكتبة العصرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Goobta Daabacaadda
الدار النموذجية
Noocyada
فصل: التقديم والتأخير مع النفي
وإذْ قد عرَفْتَ هذه المسائلَ في الاستفهام.
فهذه مسائل في النفي: إذا قلْتَ: (ما فعلتُ). كنْتَ نَفَيْتَ عنك فِعْلًا لم يَثْبتْ أَنه مفعولٌ. وإذا قلتَ: (ما أنا فعلْتُ). كنتَ نفَيْتَ عنك فِعْلًا ثَبَت أَنه مفْعُولٌ. تفسيرُ ذلك أَنك إذا قلتَ: (ما قلتُ هذا): كنتَ نَفيتَ أن تكونَ قد قلْتَ ذاك، وكنتَ نُوظرْتَ في شيءٍ لم يَثْبُتْ أنه مَقُولٌ. وإِذا قلتَ: (ما أنا قلتُ هذا): كنتَ نفَيْتَ أن تكون القائلَ له، وكانتِ المناظرةُ في شيءٍ ثَبَتَ أنه مقُولٌ. وكذلك إذا قلت: (ما ضربتُ زيدًا). كنتَ نفيتَ عنكَ ضَرْبَه ولم يَجِبْ أن يكون قد ضُرِبَ، بل يَجوزُ أن يكونَ قد ضَرَبَه غَيرُك، وأنْ لا يكونَ قد ضُرِبَ أصْلًا. وإذا قلتَ: (ما أنا ضربْتُ زيدًا) لم تَقلْه إلاَّ وزَيدٌ مضروبٌ، وكان القصْدُ أن تَنْفي أن تكون أنتَ الضاربَ. ومن أَجْل ذلك، صَلُحَ في الوجه الأولِ أن يكون المَنْفيُّ عامًّا كقولك: (ما قلتُ شعرًا قطُّ، وما أكلتُ اليومَ شيئًا، وما رأيتُ أحدًا من الناس): ولم يَصْلُحْ في الوجه الثاني. فكان خَلْقًاَ أن تقولَ: (ما أنا قلتُ شِعرًا قطُّ، وما أنا أكَلتُ اليومَ شيئًا، وما أنا رأيتُ أحدًا من الناس): وذلك لأنه يقتضي المُحَال، وهو أن يكونَ هاهنا إنسانٌ قد قال كلَّ شعرٍ في الدنيا، وأكَل شيءٍ يؤكلُ، ورأى كلَّ أحدٍ من الناس، فنفيتَ أن تَكُونَه ومما هو مثالٌ بيِّن في أنَّ تقديمَ الاسمِ يَقْتضي وجودَ الفعل قولُه [من المتقارب]:
وما أنا أَسقَمْتُ جِسْمي بهِ ... ولا أنا أَضرمتُ في القلبِ نارًا
1 / 148