151

Dala'il al-I'jaz

دلائل الإعجاز ت الأيوبي

Baare

ياسين الأيوبي

Daabacaha

المكتبة العصرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Goobta Daabacaadda

الدار النموذجية

Noocyada

ومما ينبغي أن تَعلمه، أنه يَصحُّ لك أن تقول: (ما ضربت زيدًا ولكني أكْرمتُه)، فُتعْقِبَ الفعلَ المنفيَّ بإثباتِ فعلٍ هو ضدُّه. ولا يصحُّ أن تقول: (ما زيدًا ضربتُ ولكني أكرمتُه)؛ وذاك أنكَ لم تُرِد أن تقولَ: لم يكن الفعلُ هذا ولكنْ ذاك. ولكنك أردتَ أنه لم يكن المفعولُ هذا ولكنْ ذاك؛ فالواجب إذن أن تقول: (ما زيدًا ضربتُ ولكن عمرًا).
وحكْمُ الجارِّ مع المجرور في جميع ما ذكرنا، حكْم المنصوبِ. فإذا قلتَ: (ما أمَرْتُك بهذا)، كان المعنى على نفْيِ أن تكونَ قد أمرتَه بذلك، ولم يَجبْ أن تكونَ قد أمرتَه بذلك، ولم يَجبْ أن تكونَ قد أمرتَه بشيءٍ آخر، وإذا قلتَ: (ما بهذا أمرْتُك)، كنتَ قد أمرْتَهُ بشيءٍ غيرهِ.
واعلمْ أَن هذا الذي بان لك في الاستفهام، والنفي من المعنى، في التقديم، قائمٌ مثْلُه في الخبر المُثْبَت. فإذا عمدْتَ إلى الذي أردتَ أن تُحدِّثَ عنه بفعلٍ، فقدَّمْتَ ذِكرَه، ثم بنيتَ الفعلَ عليه، فقلت: (زيدٌ قد فَعل، وأنا فعلتُ، وأنتَ فعلْتَ)، اقتضى ذلك أن يكون القصدُ إلى الفاعل؛ إلاَّ أنَّ المعنى في هذا القصد ينقسم قسمين:
أَحدُهما جليٌّ لا يُشْكِلُ، وهو أن يكون الفعلُ فِعْلًا قد أردتَ أن تَنُصَّ فيه على واحدٍ، فتجعلَه له وتزعم أنه فاعلُه دون واحدٍ آخرَ أو دون كلِّ أحدٍ. ومثال ذلك أن تقولَ: (أنا كتبتُ في معنى فلانٍ، وأنا شفعتُ في بابه)، تُريد أن تَدَّعِيَ الانفرادَ بذلك، والاستبدادَ به، وتُزيلَ الاشتباهَ فيه وتردَّ على من زَعم أنَّ ذلك كان مِنْ غيرك، أو أَنَّ غيرَكَ قد كتَب فيه كما كتبتَ. ومن البيِّن في ذلك قولُهم في المثَل: "أَتُعْلِمُنِي بِضَبٍّ أنا حَرَشتُهُ؟ "

1 / 150