Dacwa Lil Falsafa
دعوة للفلسفة: كتاب مفقود لأرسطو
Noocyada
أكثر الأفعال بعثا على الفرح، (ب88) بيد أن الفرح تتفاوت علاقته بالفاعلية؛ فالشرب بفرح والإقبال على الشرب بفرح ليس نفس الشيء؛
174
إذ لا شيء يمنع من أن يشرب إنسان دون أن يشعر بالعطش، فيتناول شرابا لا يوفر له متعة، «ولا شيء يمنع» أن يحس مع ذلك بالفرح لا بتناول الشراب بل لأنه يتفق له «عرضا»، أثناء جلوسه في مكان ما، أن يتأمل شيئا أو يكون هو نفسه موضع التأمل، سوف نقول عنه (في هذه الحالة) إنه يشعر بالفرح ويشرب بفرح، ولكن فرحه لا يأتي من الشراب، كما أنه لا يفرح بالشرب، وبنفس الطريقة نصف كذلك المشي، والجلوس والتعلم وكل نوع «من أنواع» الحركة بأنه مفرح أو مؤلم، لا لأننا نشعر عرضا بالفرح أو الألم أثناء قيامنا بهذا الفعل، بل لأننا جميعا نحس عن طريق هذا الفعل نفسه بالفرح أو الألم، (ب89) وكذلك نطلق صفة الفرح على تلك الحياة المفرحة التي يكون حضورها مفرحا بالنسبة لمن يعيشونها، ولا نتكلم عن حياة مفرحة بالنسبة لمن يكون فرحهم بالحياة متعلقا بشيء ما، بل بالنسبة للذين تكون الحياة نفسها مصدر فرحتهم والذين يسعدون بالحياة ذاتها. (ب90) وبالنظر إلى هذه الاعتبارات نقول إن حياة المستيقظ أعلى درجة من حياة النائم وأن العاقل يحيا حياة أعلى درجة من الخالي من العقل، كما نزعم أن الفرح بالحياة يأتي من استخدام الإنسان للنفس؛ ففاعلية النفس هي الحياة الحقة. (ب91) يمكن أن تكون فاعلية النفس على أنحاء مختلفة، ولكن أهمها جميعا هو أن يفكر «الإنسان» أعمق تفكير ممكن؛ فمن الثابت إذن أن الفرح الذي يصدر عن التفكير الفلسفي هو وحده - أو هو على وجه التفضيل - الفرح بالحياة، وهكذا تكون الحياة في فرح، «ويكون» الإحساس الحقيقي بالفرح أمرا يختص به الفلاسفة وحدهم أو يتعلق بهم على وجه التفضيل؛ ذلك أن فاعلية أصدق أفكارنا التي تتغذى على أسمى مبادئ الموجود وتصر دائما على الاحتفاظ بالكمال الملازم لها، هذه الفاعلية هي التي تتفوق على كل ما عداها من ألوان الفاعلية في خلق الفرح بالحياة؛ (ب92) ولهذا ينبغي على العقلاء أن يتفلسفوا لكي يستمتعوا بالأفراح الحقيقية الطيبة.
175 (ب93) «هل الحياة العقلية تجعل الإنسان سعيدا؟» يمكننا أن نصل إلى نفس النتيجة، لا عن طريق النظر في الجزئيات التي تقوم عليها الحياة السعيدة فحسب، بل كذلك عن طريق تعمق المشكلة وتأمل السعادة
176
من حيث هي كل، فلنؤكد بوضوح أنه كما تكون علاقة الحياة العقلية
177
بالسعادة، كذلك تكون علاقتها بنا تبعا لما طبعنا عليه من رفعة أو ضعة؛
178
ذلك أن جميع الناس يجدون أن الشيء الجدير بالاختيار هو الذي يؤدي إلى السعادة أو الذي يكون نتيجة مترتبة عليها، أضف إلى هذا أن الأشياء التي تجعلنا سعداء يكون بعضها ضروريا وبعضها الآخر مفرحا. (ب94) إننا نعرف السعادة إما بأنها ملكة عقلية
Bog aan la aqoon