U Dhexeeya Diinta iyo Falsafada
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Noocyada
ودليل الأشاعرة في إحدى صوره نراه هكذا: العالم حادث، وكل حادث لا بد له من محدث، وهذا المحدث هو الله.
8
وهذه الطريقة في الاستدلال كما يرى ابن رشد، ليست هي الطريقة الشرعية التي نبه الله عليها ودعا الناس للإيمان من قبلها، وهذا لما في إثبات كل هذه المقدمات من شكوك ليس في قوة صناعة الكلام الخروج منها، كما بين ذلك بشيء من التطويل.
9
وكذلك الأمر في الصورة التي ارتضاها لهذا الدليل إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن يوسف الجويني شيخ الغزالي، فضلا عن أنه يبطل حكمة الصانع، فإن الجويني في رسالته المعروفة بالنظامية - كما يذكر ابن رشد
10 - يبني هذا الدليل على مقدمتين: العالم كان جائزا أن يكون على غير ما هو عليه حجما أو شكلا أو حركة، والجائز محدث لا بد له من محدث صيره بأحد الجائزين أولى منه بالآخر، وهذا المحدث هو الله.
وفي رأينا أن فيلسوف قرطبة محق فيما يذكر هنا من أن المقدمة الأولى غير صحيحة، وأنها مع هذا مبطلة لحكمة الصانع؛ لأن العالم لو كان جائزا أن يكون على صفة غير الصفة التي هو عليها فعلا، لكان وجوده على هذه الصفة بلا سبب ولا حكمة، وهذا ما لا يليق بالله العليم الحكيم الذي خلق كل شيء وقدره تقديرا.
وإذا كان ابن رشد لم يتعرض لطريقة المعتزلة في الاستدلال على هذه العقيدة، فإنه يعتذر عن ذلك بقوله: «وأما المعتزلة فإنه لم يصل إلينا في هذه الجزيرة من كتبهم شيء نقف منه على طرقهم التي سلكوها في هذا المعنى، ويشبه أن تكون طرقهم من جنس طرق الأشعرية.»
11
وأما الصوفية فلم ترض طريقتهم أيضا في التوصل إلى معرفة الله ابن رشد، فإن طريقتهم لا تقوم على النظر بالعقل في العالم الموجود للاستدلال منه على الله موجده، ولكنها تقوم على «الذوق» وحده، وإذن فهي في رأي ابن رشد طريقة ليست للناس بما هم ناس، ولو كانت هي المقصودة لبطل النظر العقلي الذي دعا القرآن إليه ونبه على طريقه.
Bog aan la aqoon