U Dhexeeya Diinta iyo Falsafada
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Noocyada
وبعد أن انتهى ابن رشد من الاستدلال بتلك الآيات على أن العالم صنع من صنع الله وخلق من خلقه، وذلك بدليل يفهمه الناس جميعا وتؤمن له عقولهم وقلوبهم، نراه يقرر أن العالم محدث عن إرادة قديمة، وأنه خلق من لا شيء وفي غير زمان، أمر لا يمكن أن يتصوره العلماء فضلا عن الجمهور، ويوقع في شبه عظيمة تفسد عقائد الجمهور وبخاصة أهل الجدل منهم.
5
ولذلك؛ كان أهل علم الكلام بصنيعهم في هذه المسألة، وبقولهم إن العالم محدث عن إرادة الله القديمة، ليسوا من العلماء الناجين بما وصلوا إليه من العلم البرهاني اليقيني الذي هم أهل له، ولا من الجمهور الذين سعادتهم في اتباع الظاهر وما أذن به الشارع، بل هم من الذين في قلوبهم زيع ومرض.
6
وهكذا يخلص لفيلسوف الأندلس على ما نرى الاستدلال على حدوث العالم عن الله تعالى بأدلة ترتكز على النظر السليم والملاحظة الصادقة، وتؤخذ مقدماتها وأصولها من القرآن نفسه، فهي لذلك بسيطة وتؤدي بالناس جميعا إلى اليقين.
ولكن، لنا أن نقول مع ذلك بأن ما رآه من الدليل على حدوث العالم عن الله تعالى هو بالأولى على أن هذا العالم «الحادث» له صانع حكيم. أما الحدوث نفسه الذي هو ضد القدم فدليله كما يرى المتكلمون هو ما ينتابه من التغير واختلاف الصفات والأحوال؛ فإن هذا هو شأن الحادث لا القديم.
ويكفي في بيان هذا الذي يراه المتكلمون أن نشير إلى أي كتاب من كتب علم الكلام مثل «التبصر في الدين» لأبي المظفر الإسفراييني من رجال القرن السادس الهجري؛ إذ فيه أن الدليل على حدوث الموجودات التي يتكون منها العالم «أنها تتغير عليها الصفات وتخرج من حال إلى حال.» وإذن، تكون الموجودات التي تتغير أحوالها محدثة؛ لأن ما لا يخلو من الحوادث يكون محدثا.
7
على أن ابن رشد تناول هذا الدليل ونحوه من أدلة المتكلمين على حدوث العالم، ونقده بأن مقدماته تحتاج في إثباتها إلى أدلة، فالأدلة لهذا عسرة الفهم ولا يطيقها الجمهور، كما أنها بعد ذلك ليست يقينية؛ فلا تصلح للعلماء أيضا. (2) وجود الله ومعرفته
في هذه العقيدة أيضا نجد ابن رشد قبل أن يأتي بالدليل الشرعي الذي يراه صالحا لأن يؤدي بالعامة والخاصة إلى وجود الله ومعرفته، يعرض دليل رجال علم الكلام الأشاعرة عليها، ثم يتبعه بطريقة المتصوفة في الاستدلال وينقد كلا من الطريقتين.
Bog aan la aqoon