U Dhexeeya Diinta iyo Falsafada
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Noocyada
12
وهكذا لم يرض ابن رشد دليل المتكلمين ودليل المتصوفة لإثبات وجود الله ومعرفته، فما هو إذن طريقه إلى هذا؟ الطريق إلى هذا هو الطريق الذي نبه القرآن نفسه إليه، وهو ينحصر في دليلين: دليل العناية الذي يقوم - كما ذكرنا ذلك عند الكلام على حدوث العالم - على أن جميع الموجودات موافقة لوجود الإنسان وسائر ما على الأرض من حيوان، فهي إذن من قبل فاعل قاصد مريد لذلك.
ثم دليل الاختراع الذي يقوم على أن كل شيء من السماوات والحيوان والنبات مخترع، وذلك بدليل المشاهدة في هذين، وبدليل حركات السماوات التي تؤذن بأنها مسخرة لنا، وكل ما كان كذلك فهو مخترع حتما، وكل مخترع له مخترع ضرورة، فيصح من هذين الأصلين أن للعالم مخترعا له.
13
وقد ساق ابن رشد بعد هذا وذاك، في إحكام، آيات كثيرة من القرآن يؤيد بها هذين الدليلين وما اشتملا عليه من مقدمات، ثم قال: «فقد بان من هذه الأدلة أن الدلالة على وجود الصانع منحصرة في هذين الجنسين، دلالة العناية ودلالة الاختراع، وتبين أن هاتين الطريقتين هما بأعينهما طريقة الخواص، وأعني بالخواص العلماء، وطريقة الجمهور، وإنما الاختلاف بين المعرفتين في التفصيل، أعني أن الجمهور يقتصر من معرفة العناية والاختراع على ما هو مدرك بالمعرفة الأولى المبنية على علم الحس، وأما العلماء فيزيدون على ما يدرك من هذه الأشياء بالحس ما يدرك بالبرهان.»
14
ومن أجل ذلك كانت هذه الطريقة - كما يقول فيلسوفنا - هي الطريقة الشرعية والطبيعية، وهي التي جاءت بها الرسل، ونزلت بها الكتب المقدسة، والعلماء يفضلون الجمهور في هذين الاستدلالين من ناحية الإحاطة في المعرفة والتعمق فيها. (3) وحدانيته تعالى
وإذا كان العالم محدثا وموجده هو الله، فهذا الإله واحد لا شريك له، ولكن كيف السبيل إلى إثبات هذه الوحدانية؟ إن المتكلمين وابن رشد يلجئون في هذا إلى قوله تعالى في سورة الأنبياء: (آية 22):
لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا .
إلا أن الأولين يأخذون من هذه الآية دليلا يسمى دليل التمانع أو الممانعة، وهو دليل لا يرضاه ابن رشد ويرى أنه دليل متكلف، و«ليس يجري مجرى الأدلة الطبيعية والشرعية»؛ لأنه ليس برهانا، ولأن الجمهور لا يقدرون على فهمه ولا يحصل لهم به إقناع.
Bog aan la aqoon