أما بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإن الشرع لم يعد بحاجة إلى زيادة؛ لأن الله أتمه وأكمله، ولم يترك الرسول - صلى الله عليه وسلم - شيئا مما يقربنا من الجنة إلا وقد أمرنا به، ولم يدع أمرا يقربنا من النار إلا وقد نهانا عنه - صلى الله عليه وسلم - .
وجملة القول أن هذه الآية من شرع ما قبلنا، والراجح في علم الأصول أنه ليس شرعا لنا؛ لأدلة كثيرة منها قوله - صلى الله عليه وسلم - : { أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي... } فذكرها، وآخرها: { وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة } أخرجه البخاري ومسلم.
وعلى فرض صحة قول من قال: "شريعة من قبلنا شريعة لنا" فذلك مشروط بشرطين:
الأول: أن يثبت أن ذلك شرع ارتضاه الله لهم بنقل موثوق.
الثاني: أن لا يكون في شرعنا ما يخالفه.
وعليه؛ فالآية لا حجة فيها لمحسني البدع،لأن الإسلام بين أن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) (¬1) .
الشبهة السادسة: جمع القران بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
الجواب:
أولا:(القرآن كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مكتوبا في الصحف؛ لقوله تعالى: { يتلوا صحفا مطهرة } ]البينة: 2[ وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : { لا تكتبوا عني. ومن كتب عني غير القرآن فليمحه } أخرجه مسلم، لكنها كانت مفرقة، كما يدل على ذلك قول زيد بن ثابت رضي الله عنه في قصة جمع القرآن التي رواها البخاري: " فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال".
ثانيا: إن جمع القرآن لم يأت به الصحابة من تلقاء أنفسهم،بل هو تحقيق لوعد الله تعالى أيضا بجمعه؛ كما وعد بحفظه: { إن علينا جمعه وقرانه } ]القيامة:17[.
Bogga 37