فما عمل به المتأخرون من هذا القسم مخالف لإجماع الأولين، وكل من خالف الإجماع؛ فهو مخطئ، وأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - لا تجتمع على ضلالة، فما كانوا عليه من فعل أو ترك؛ فهو السنة والأمر المعتبر، وهو الهدى، وليس ثم إلا صواب أو خطأ فكل من خالف السلف الأولين؛ فهو على خطأ، وهذا كاف ...
ومن هنالك لم يسمع أهل السنة دعوى الرافضة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على علي أنه الخليفة بعده؛ لأن عمل كافة الصحابة على خلافه دليل على بطلانه أو عدم اعتباره؛ لأن الصحابة لا تجتمع على خطأ.
وكثيرا ما تجد أهل البدع والضلالة يستدلون بالكتاب والسنة؛ يحملونهما مذاهبهم، ويغبرون بمشتبهاتهما على العامة، ويظنون أنهم على شيء".
ثم قال (3/77): "فلهذا كله؛ يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به؛ فهو أحرى بالصواب، وأقوم في العلم والعمل".
وقال الإمام الحافظ ابن عبد الهادي - رحمه الله - في "الصارم المنكي في الرد على السبكي" (ص318): (ولا يجوز إحداث تأويل في آية أو سنة لم يكن على عهد السلف
ولا عرفوه ولا بينوه للأمة؛ فإن هذا يتضمن أنهم جهلوا الحق في هذا، وضلوا عنه، واهتدى إليه هذا المعترض المستأخر) اه.
وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله - في "الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة" (2/128 مختصره):"إن إحداث القول في تفسير كتاب الله الذي كان السلف والأئمة على خلافه يستلزم أحد أمرين: إما أن يكون خطأ في نفسه، أو تكون أقوال السلف المخالفة له خطأ
ولا يشك عاقل أنه أولى بالغلط والخطأ من قول السلف ".
إلا عند ساقط رقيع يقول في مثل هذا المقام: "نحن رجال وهم رجال"!!
فمثل هذا المغرور قد سقط معه الخطاب، وسد في وجهه الباب!!
والله الهادي إلى نهج الصواب!
قلت: فإذا وضحت هذه القاعدة ظهر لك أي الفريقين أهدى في المثال الذي صدرنا لك الكلام به!
Bogga 24