قال الإمام ابن تيمية في "مقدمة في أصول التفسير" (ص8-9): (يجب أن يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه، فقوله تعالى: { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم } ]النحل:44[ يتناول هذا وهذا، وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن - كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما - أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم جميعا.
ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة.
وقال أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جل في أعيننا. وأقام ابن عمر على حفظ البقرة عدة سنين - قيل ثمان سنين - ذكره مالك.
وذلك أن الله تعالى قال: { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءايته } ]ص:29[.
وقال: { أفلا يتدبرون القرءان } ]النساء:82[ وقال: { أفلم يدبروا القول } ]المؤمنون:
68[.
وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن.
وكذلك قال تعالى: { إنآ أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون } ]يوسف:2[، وعقل الكلام متضمن لفهمه ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه، فالقرآن أولى بذلك.
وأيضا فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم؟) اه.
وقال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (3/72) ردا على من يستدل بالأدلة العامة على خلاف فهم السلف والدعاء إلى العمل به على غير الوجه الذي مضوا عليه في العمل به
ما ملخصه: "لو كان دليلا عليه؛ لم يعزب عن فهم الصحابة والتابعين ثم يفهمه هؤلاء، فعمل الأولين كيف كان مصادم لمقتضى هذا المفهوم ومعارض له، ولو كان ترك العمل.
Bogga 23