Bakaiyyat
بكائيات: ست دمعات على نفس عربية
Noocyada
ضغطت على يده: معك الحق. أقسى من عذب نفسي هو نفسي.
أقبل على البوابة يفتحها، صرت ضلوعها الحديدية الصدئة، وتساقط عنها التراب، نظر إلي بخبث: مفتاح السحر معي، انظر! وضع الناي في ثقب القفل الضخم، قفل صلب مغبر، أهمله الزمن الأعمى، فتراكم عليه نسج العناكب، هتفت: تفتحه بالناي؟
ابتسمت عيناه، وقال وهو يعالج القفل العجوز: سحر، سحر. أنسيت كلام السيد؟
قلت: الناي يروض حتى الوحش.
ضحك، وقال وهو يخرج القفل من المزلاج ويدفع الباب: والغابة في الداخل، يسطع في ظلمتها العرش، ادخل؛ فوحوش أخرى تنتظر هناك.
خطوات إلى الداخل، ووضعت قدمي على العتبة. قلت قبل أن أنزل من على الدرج: كما تنتظر النار القش!
نفس القاعة والبهو، العرش يشع في آخرها كهودج ذهبي وسط السحاب الأسود، أشباح تتجول وظلال تتحرك في صمت، أتقدم في اتجاه العرش، كأني أتزاحم في موكب أرواح معتمة تنتظر القارب والملاح الشيخ، الجماجم كما هي تحت قدمي الكرسي، كبقايا حيوانات راكعة في ذل، والجالس فوق العرش استسلم للنوم، افتقد بريق عينيه الواسعتين الباردتين، أنظر في شعره الأشقر الجميل المنسدل على أذنيه، أتطلع للجبهة العريضة كلوح مصقول من الرخام، وهي مائلة على مسند الكرسي، تعب الرأس وغربت فيه الشمس! جاءت أجيال أخرى ورءوس أخرى، وانحدر القرص المتوهج في أحضان الظل، لا يبقى ملك فوق العرش، ولا يسلم نجم من زحف الليل. أتلفت حولي، أين الكهنة والسدنة في هذا المعبد؟ كانوا يقفون حواليه، ينتظرون الأمر من الرب الذي ابتلع نفسه وابتلعهم. ها هم يجلسون في صمت، لولا بصيص شعاع ينفذ من السقف، والنوافذ التي أسدلت عليها ستائر القطيفة الداكنة؛ لتعثرت فيهم، أغمضوا عيونهم وناموا مفتوحي الفم. هل ينتظرون من ينفخ نسمة ريح أو بركان، أو عاصمة تحييهم ، تنفض عنهم كفن النسيان؟ وما زالت الشجرة كما هي، ممتدة الغصون، جذعها المليء بالأورام والنتوء كجسد مجدور تمد جذعها في الأرض، وتتشبث بالطين. على الرغم من كل شيء؛ تملكني الخوف أخشى أن أرى العقرب يظهر فجأة، وينبش أصابع قدمي. كان قد تسلل أمام عيني إلى أقدام العرش وغاب بين الجماجم، من يدري إن كانت هناك عقارب أخرى في انتظاري؟ أصيح من الذعر: أنت! لم لا أسمع صوتك؟ ينساب الصوت بلطف: أنا لا أتخلى عنك. أسأل في ذعر: إني أتعثر في هذا الليل. لم لا تشعل شمعة لحنك؟ يتسلل صوت ينفذ في الجدران: لا يظهر نجمي الآن، دوري لم يقبل بعد.
أصرخ في أحجار الحكماء على الصفين: يا حكماء!
لا يتحرك حجر، لا يخفق صوت. أعود فأصرخ على أشرخ جدران الصمت! يا حكماء الزمن الغابر، عذرا، يا أنجم هذا الزمن الحاضر، يا حكاما في مملكة الأوهام، أصغوا لنداء رعيتكم.
يتثاءب أحد الأحجار، يفرك عينيه وينفخ في وجهي كالإعصار: من؟
Bog aan la aqoon