53

Badda Muhit ee Usool al-Fiqh

البحر المحيط في أصول الفقه

Daabacaha

دار الكتبي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1414 AH

Goobta Daabacaadda

القاهرة

وَهُوَ قَوْلُ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَسَيَأْتِي عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ أَيْضًا. وَقَالَ الْآمِدِيُّ فِي " الْأَبْكَارِ ": الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ شَيْخُنَا وَالْقَاضِي وَالْمُحَقِّقُونَ: أَنَّ دَلَالَةَ الْمُعْجِزَةِ عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ لَيْسَتْ دَلَالَةً عَقْلِيَّةً وَلَا سَمْعِيَّةً. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّ مَا يَدُلُّ عَقْلًا يَدُلُّ بِنَفْسِهِ، وَيَرْتَبِطُ بِمَدْلُولِهِ لِذَاتِهِ، وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ غَيْرِهِ، وَقَدْ تَقَعُ الْخَوَارِقُ عِنْدَ تَصَرُّمِ الدُّنْيَا مَعَ عَدَمِ دَلَالَتِهَا عَلَى تَصْدِيقِ مُدَّعِي النُّبُوَّةِ، فَإِنَّهُ لَا إرْسَالَ، وَلَا رَسُولَ إذْ ذَاكَ. وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّ الدَّلَالَةَ السَّمْعِيَّةَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى صِدْقِهِ فَلَوْ تَوَقَّفَ صِدْقُ الرَّسُولِ عَلَيْهَا لَكَانَ دَوْرًا، بَلْ دَلَالَتُهَا عَلَى صِدْقِهِ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ الدَّلَالَاتِ الْوَضْعِيَّةِ النَّازِلَةِ مَنْزِلَةَ التَّصْدِيقِ، فَكَانَتْ نَازِلَةً مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ: صَدَقَ. ثُمَّ الْعَقْلِيُّ يَنْقَسِمُ إلَى مَا يَقْتَضِي الْقَطْعَ كَالْأَدِلَّةِ فِي أُصُولِ الْعَقَائِدِ، وَإِلَى مَا لَا يَقْتَضِيهِ، وَكَذَلِكَ يَنْقَسِمُ إلَى مَا يَقْتَضِي الْقَطْعَ، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ الْعِلْمَ، وَإِلَى مَا لَا يَقْتَضِيهِ، كَأَخْبَارِ الْآحَادِ وَالْمُقَايِسِ السَّمْعِيَّةِ. فَكَمَا لَا يُوصَفُ بِاقْتِضَاءِ الْعِلْمِ لَا يُوصَفُ بِاقْتِضَاءِ غَلَبَةِ الظَّنِّ. قَالَ: وَهَذَا مِمَّا يَزِلُّ فِيهِ مُعْظَمُ الْفُقَهَاءِ، وَلَكِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِحُصُولِ الظَّنِّ فِي أَثَرِهَا مِنْ غَيْرِ تَضَمُّنِهَا. وَيَتَنَوَّعُ الْعَقْلِيُّ إلَى اسْتِقْرَائِيٍّ، وَتَمْثِيلِيٍّ، وَاقْتِرَانِيٍّ، وَاسْتِثْنَائِيٍّ مُتَّصِلٍ أَوْ مُنْفَصِلٍ، وَيَتَأَلَّفُ الْمُتَّصِلُ مِنْ الْمُتَلَازِمَاتِ، وَالْمُنْفَصِلُ مِنْ الْمُتَضَادَّاتِ، وَنَوَّعَهَا الْأَصْحَابُ أَرْبَعَةً: بِنَاءُ الْغَائِبِ عَلَى الشَّاهِدِ: وَإِنْتَاجُ الْمُقَدِّمَاتِ النَّتَائِجَ، وَالسَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ.

1 / 55