[المقدمة]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ أَفْضَلُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَبُرْهَانُ الْمُحَقِّقِينَ، كَهْفُ الْأَئِمَّةِ وَالْفُضَلَاءِ، زُبْدَةُ نَحَارِيرِ الْعُلَمَاءِ، شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَعُمْدَةُ فُضَلَاءِ الزَّمَانِ، بَدْرُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَقِيرِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ الزَّرْكَشِيُّ الشَّافِعِيُّ، سَقَى اللَّهُ ثَرَاهُ، وَفِي دَارِ الْخُلْدِ مَأْوَاهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَسَّسَ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ بِأُصُولِ أَسَاسِهِ، وَمَلَّكَ مَنْ شَاءَ قِيَادَ قِيَاسِهِ، وَوَهَبَ مَنْ اخْتَصَّهُ بِالسَّبْقِ إلَيْهِ عَلَى أَفْرَادِ أَفْرَاسِهِ، وَأَوْلَى عِنَانَ الْعِنَايَةِ مَنْ وَفَّقَهُ لِاقْتِبَاسِهِ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً يَتَقَوَّمُ مِنْهَا الْحَدُّ بِفُصُولِهِ وَأَجْنَاسِهِ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي رَقَى إلَى السَّبْعِ الطِّبَاقِ بِبَدِيعِ جِنَاسِهِ، وَآنَسَ مِنْ الْعُلَا نُورًا هَدَى الْأُمَّةَ بِإِينَاسِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا مَا قَامَتْ النُّصُوصُ بِنَفَائِسِ أَنْفَاسِهِ، وَاسْتُخْرِجَتْ الْمَعَانِي مِنْ مِشْكَاةِ نِبْرَاسِهِ.
1 / 3
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَوْلَى مَا صُرِفَتْ الْهِمَمُ إلَى تَمْهِيدِهِ، وَأَحْرَى مَا عُنِيَتْ بِتَسْدِيدِ قَوَاعِدِهِ وَتَشْيِيدِهِ، الْعِلْمُ الَّذِي هُوَ قِوَامُ الدِّينِ، وَالْمَرْقَى إلَى دَرَجَاتِ الْمُتَّقِينَ. وَكَانَ عِلْمُ أُصُولِ الْفِقْهِ جَوَادَهُ الَّذِي لَا يُلْحَقُ، وَحَبْلَهُ الْمَتِينَ الَّذِي هُوَ أَقْوَى وَأَوْثَقُ، فَإِنَّهُ قَاعِدَةُ الشَّرْعِ، وَأَصْلٌ يُرَدُّ إلَيْهِ كُلُّ فَرْعٍ. وَقَدْ أَشَارَ الْمُصْطَفَى ﷺ فِي جَوَامِعِ كَلِمِهِ إلَيْهِ، وَنَبَّهَ أَرْبَابُ اللِّسَانِ عَلَيْهِ، فَصَدَرَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ مِنْهُ جُمْلَةٌ سَنِيَّةٌ، وَرُمُوزٌ خَفِيَّةٌ، حَتَّى جَاءَ الْإِمَامُ الْمُجْتَهِدُ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ ﵁ فَاهْتَدَى بِمَنَارِهِ، وَمَشَى إلَى ضَوْءِ نَارِهِ، فَشَمَّرَ عَنْ سَاعِدِ الِاجْتِهَادِ، وَجَاهَدَ فِي تَحْصِيلِ هَذَا الْغَرَضِ السَّنِيِّ حَقَّ الْجِهَادِ، وَأَظْهَرَ دَفَائِنَهُ وَكُنُوزَهُ وَأَوْضَحَ إشَارَاتِهِ وَرُمُوزَهُ،
1 / 4
وَأَبْرَزَ مُخَبَّآتِهِ وَكَانَتْ مَسْتُورَةً، وَأَبْرَزَهَا فِي أَكْمَلِ مَعْنًى وَأَجْمَلِ صُورَةً، حَتَّى نَوَّرَ بِعِلْمِ الْأُصُولِ دُجَى الْآفَاقِ، وَأَعَادَ سُوقَهُ بَعْدَ الْكَسَادِ إلَى نَفَاقٍ. وَجَاءَ مَنْ بَعْدَهُ، فَبَيَّنُوا وَأَوْضَحُوا وَبَسَطُوا وَشَرَحُوا، حَتَّى جَاءَ الْقَاضِيَانِ: قَاضِي السُّنَّةِ أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ وَقَاضِي الْمُعْتَزِلَةِ عَبْدُ الْجَبَّارِ، فَوَسَّعَا الْعِبَارَاتِ، وَفَكَّا الْإِشَارَاتِ، وَبَيَّنَا الْإِجْمَالَ، وَرَفَعَا الْإِشْكَالَ.
وَاقْتَفَى النَّاسُ بِآثَارِهِمْ، وَسَارُوا عَلَى لَاحِبِ نَارِهِمْ، فَحَرَّرُوا وَقَرَّرُوا، وَصَوَّرُوا، فَجَزَاهُمْ اللَّهُ خَيْرَ الْجَزَاءِ، وَمَنَحَهُمْ بِكُلِّ مَسَرَّةٍ وَهَنَاءٍ.
ثُمَّ جَاءَتْ أُخْرَى مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَحَجَرُوا مَا كَانَ وَاسِعًا، وَأَبْعَدُوا مَا كَانَ شَاسِعًا، وَاقْتَصَرُوا عَلَى بَعْضِ رُءُوسِ الْمَسَائِلِ، وَكَثَّرُوا مِنْ الشُّبَهِ وَالدَّلَائِلِ، وَاقْتَصَرُوا عَلَى نَقْلِ مَذَاهِبِ الْمُخَالِفِينَ مِنْ الْفِرَقِ، وَتَرَكُوا أَقْوَالَ
1 / 5
مَنْ لِهَذَا الْفَنِّ أَصَّلَ، وَإِلَى حَقِيقَتِهِ وَصَّلَ، فَكَادَ يَعُودُ أَمْرُهُ إلَى الْأَوَّلِ، وَتَذْهَبُ عَنْهُ بَهْجَةُ الْمُعَوَّلِ، فَيَقُولُونَ: خِلَافًا لِأَبِي هَاشِمٍ، أَوْ وِفَاقًا لِلْجُبَّائِيِّ، وَتَكُونُ لِلشَّافِعِيِّ مَنْصُوصَةً، وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ بِالِاعْتِنَاءِ مَخْصُوصَةً، وَفَاتَهُمْ مِنْ كَلَامِ السَّابِقِينَ عِبَارَاتٌ رَائِقَةٌ، وَتَقْرِيرَاتٌ فَائِقَةٌ، وَنُقُولٌ غَرِيبَةٌ، وَمَبَاحِثُ عَجِيبَةٌ.
[مَنْهَجُ الْمُؤَلِّفِ وَمَصَادِرُهُ]
وَقَدْ اجْتَمَعَ عِنْدِي بِحَمْدِ اللَّهِ مِنْ مُصَنَّفَاتِ الْأَقْدَمِينَ فِي هَذَا الْفَنِّ مَا يَرْبُو عَلَى الْمِئِينَ، وَمَا بَرِحَتْ لِي هِمَّةٌ تَهُمُّ فِي جَمْعِ أَشْتَاتِ كَلِمَاتِهِمْ وَتَجُولُ، وَمِنْ دُونِهَا عَوَائِقُ الْحَالِ تَحُولُ، إلَى أَنْ مَنَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِنَيْلِ الْمُرَادِ، وَأَمَدَّ بِلُطْفِهِ بِكَثِيرٍ مِنْ الْمَوَادِّ، فَمَخَضْتُ زُبْدَ كُتُبِ الْقُدَمَاءِ، وَوَرَدْتُ شَرَائِعَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَجَمَعْت مَا انْتَهَى إلَيَّ مِنْ أَقْوَالِهِمْ، وَنَسَجْت عَلَى مِنْوَالِهِمْ، وَفَتَحْت مِنْهُ مَا كَانَ مُقْفَلًا، وَفَصَّلْت مَا كَانَ مُجْمَلًا، بِعِبَارَةٍ تُسْتَعْذَبُ، وَإِشَارَةٌ لَا تُسْتَصْعَبُ. وَزِدْت فِي هَذَا الْفَنِّ مِنْ الْمَسَائِلِ مَا يُنِيفُ عَلَى الْأُلُوفِ، وَوَلَّدْت مِنْ الْغَرَائِبِ غَيْرَ الْمَأْلُوفِ، وَرَدَدْت كُلَّ فَرْعٍ إلَى أَصْلِهِ وَشَكْلٍ قَدْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَكْلِهِ، وَأَتَيْت فِيهِ بِمَا لَمْ أُسْبَقْ إلَيْهِ، وَجَمَعْت شَوَارِدَهُ الْمُتَفَرِّقَاتِ عَلَيْهِ بِمَا يُقْضَى مِنْهُ الْعَجَبُ، وَإِنَّ اللَّهَ يَهَبُ لِعِبَادِهِ مَا يَشَاءُ أَنْ يَهَبَ، وَأَنْظِمُ فِيهِ
1 / 6
بِحَمْدِ اللَّهِ مَا لَمْ يَنْتَظِمْ قَبْلَهُ فِي سِلْكٍ، وَلَا حَصَلَ لِمَالِكٍ فِي مِلْكٍ، وَكَانَ مِنْ الْمُهِمِّ تَحْرِيرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَخِلَافِ أَصْحَابِهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمُخَالِفِينَ مِنْ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعَةِ.
وَلَقَدْ رَأَيْت فِي كُتُبِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْخَلَلَ فِي ذَلِكَ، وَالزَّلَلَ فِي كَثِيرٍ مِنْ التَّقْرِيرَاتِ وَالْمَسَالِكِ، فَأَتَيْت الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَشَافَهْت كُلَّ مَسْأَلَةٍ مِنْ كُتَّابِهَا، وَرُبَّمَا أَسُوقُهَا بِعِبَارَاتِهِمْ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى فَوَائِدَ، وَتَنْبِيهًا عَلَى خَلَلٍ نَاقِلٍ وَمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ الْمَآخِذِ وَالْمَقَاصِدِ.
فَمِنْ كُتُبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ ﵁ الرِّسَالَةُ "، واخْتِلَافُ الْحَدِيثِ " وَأَحْكَامُ الْقُرْآنِ "، وَمَوَاضِعُ مُتَفَرِّقَةٌ مِنْ الْأُمِّ "، وَشَرْحِ الرِّسَالَةِ " لِلصَّيْرَفِيِّ وَلِلْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ وَلِلْجُوَيْنِيِّ وَلِأَبِي الْوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيِّ وَكِتَابُ الْقِيَاسِ " لِلْمُزَنِيِّ.
1 / 7
وَكِتَابُ " الرَّدِّ عَلَى دَاوُد فِي إنْكَارِهِ الْقِيَاسَ " لِابْنِ سُرَيْجٍ، وَكِتَابُ " الْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ " لَهُ أَيْضًا، وَكِتَابُ الدَّلَائِلِ وَالْأَعْلَامِ " لِلصَّيْرَفِيِّ، وَكِتَابُ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ، وَأَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْقَطَّانِ، وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، وَأَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ الْقَاضِي فِي " رِيَاضِ
1 / 8
الْمُتَعَلِّمِينَ " وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ وَأَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سُرَاقَةَ الْعَامِرِيِّ، وَأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ كَجٍّ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ فُورَكٍ، وَالْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ، وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ، وَسُلَيْمٍ الرَّازِيَّ
1 / 9
فِي التَّقْرِيبِ فِي الْأُصُولِ " وَالتَّحْصِيلِ " لِلْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيِّ، وَشَرْحُ الْكِفَايَةِ وَالْجَدَلِ " لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ، وَاللُّمَعُ وَشَرْحُهَا " لِلشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَالتَّبْصِرَةُ " وَالْمُلَخَّصُ "، وَالْمَعُونَةُ "، وَالْحُدُودُ " وَغَيْرُهَا مِنْ كُتُبِهِ، وَكِتَابُ الشَّيْخِ أَبِي نَصْرِ بْنِ الْقُشَيْرِيّ، وَكِتَابُ أَبِي الْحُسَيْنِ السُّهَيْلِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَالْأَوْسَطُ "
1 / 10
لِابْنِ بَرْهَانٍ، وَالْوَجِيزُ " لَهُ، وَالْقَوَاطِعُ " لِأَبِي الْمُظَفَّرِ بْنِ السَّمْعَانِيِّ وَهُوَ أَجَلُّ كِتَابٍ لِلشَّافِعِيَّةِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ نَقَلَاتٍ وَحِجَاجًا، وَكِتَابُ التَّقْرِيبِ وَالْإِرْشَادِ " لِلْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ أَجَلُّ كِتَابٍ صُنِّفَ فِي هَذَا الْعِلْمِ مُطْلَقًا، وَالتَّلْخِيصُ " مِنْ هَذَا الْكِتَابِ لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَمْلَاهُ بِمَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ، وَالْبُرْهَانُ " لِلْإِمَامِ وَشُرُوحُهُ، وَقَدْ اعْتَنَى بِهِ الْمَالِكِيُّونَ. الْمَازِرِيُّ، وَالْإِبْيَارِيُّ، وَابْنُ الْعَلَّافِ، وَابْنُ الْمُنِيرِ، وَنَكَتَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْمُقْتَرِحُ
1 / 11
جَدُّ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ لِأُمِّهِ، وَمُخْتَصَرُ النُّكَتِ " لِابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ الإسكندراني، " وَمُخْتَصَرُهُ لِابْنِ الْمُنِيرِ، وَالْمُسْتَصْفَى " لِلْغَزَالِيِّ، وَقَدْ اعْتَنَى بِهِ الْمَالِكِيَّةُ أَيْضًا، فَشَرَحَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْدَرِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْمُسْتَوْفَى "، وَنَكَتَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِّ الْإِشْبِيلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ
1 / 12
وَابْنُ شَاسٍ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ "، وَابْنُ رَشِيقٍ، وَالْمَحْصُولُ وَمُخْتَصَرَاتُهُ وَشُرُوحِهِ لِلْأَصْفَهَانِيِّ وَالْقَرَافِيِّ، وَالْأَحْكَامُ " لِلْآمِدِيِّ، وَمُخْتَصَرُ " ابْنِ الْحَاجِبِ، وَالنِّهَايَةُ " لِلصَّفِيِّ الْهِنْدِيِّ
1 / 13
، وَالْفَائِقُ " وَالرِّسَالَةُ السَّيْفِيَّةُ " لَهُ، وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْعُنْوَانِ "، وَشَرْحُ الْعُمْدَةِ " وَشَرْحُ الْإِلْمَامِ " وَبِهِ خَتَمَ التَّحْقِيقَ فِي هَذَا الْفَنِّ، وَفِي مَوْضِعٍ مِنْ شَرْحِ الْإِلْمَامِ " يَقُولُ: أُصُولُ الْفِقْهِ هُوَ الَّذِي يَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ.
وَمِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيَّ، وَاللُّبَابُ " لِأَبِي الْحَسَنِ الْبُسْتِيِّ الْجُرْجَانِيِّ، وَكِتَابُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ، وَتَقْوِيمُ الْأَدِلَّةِ " لِأَبِي زَيْدٍ، وَالْمِيزَانُ " لِلسَّمَرْقَنْدِيِّ وَالْكِبْرِيتُ الْأَحْمَرُ " لِأَبِي الْفَضْلِ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَكِتَابُ " الْعَالَمِيِّ " وَالْبَدِيعُ " لِابْنِ السَّاعَاتِي
1 / 14
وَكَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِأُصُولِ الْفِقْهِ
وَمِنْ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ الْجَامِعُ " لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُجَاهِدِ بْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ الْمَالِكِيِّ الْبَصْرِيِّ، وَنَقَلْت عَنْهُ بِالْوَاسِطَةِ وَالْمُلَخَّصُ " لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْإِفَادَةُ " وَالْأَجْوِبَةُ الْفَاخِرَةُ " لَهُ، وَالْفُصُولُ " لِأَبِي الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ، وَالْمَحْصُولُ " لِابْنِ الْعَرَبِيِّ،
1 / 15
وَكِتَابُ أَبِي الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيِّ شَارِحِ مُسْلِمٍ، وَالْقَوَاعِدُ " لِلْقَرَافِيِّ وَغَيْرُهُ.
وَمِنْ كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ التَّمْهِيدُ لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَالْوَاضِحُ " لِابْنِ عَقِيلٍ، وَالرَّوْضَةُ " لِلْمَقْدِسِيِّ وَمُخْتَصَرُهَا لِلطُّوفِيِّ وَغَيْرُهُمْ.
وَمِنْ كُتُبِ الظَّاهِرِيَّةِ كِتَابُ أُصُولِ الْفَتْوَى " لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الدَّاوُدِيِّ وَهُوَ عُمْدَةُ الظَّاهِرِيَّةِ فِيمَا صَحَّ عَنْ دَاوُد، وَكِتَابُ الْإِحْكَامِ " لِابْنِ حَزْمٍ.
1 / 16
وَمِنْ كُتُبِ الْمُعْتَزِلَةِ الْعُمْدَةُ " لِأَبِي الْحُسَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ " لَهُ، وَالْوَاضِحُ " لِأَبِي يُوسُفَ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالنُّكَتُ " لِابْنِ الْعَارِضِ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ.
وَمِنْ كُتُبِ الشِّيعَةِ الذَّرِيعَةُ " لِلشَّرِيفِ الرَّضِيِّ، وَالْمَصَادِرُ " لِمَحْمُودِ بْنِ عَلِيٍّ الْحِمْصِيِّ وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِيَّةِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَوَاضِعِهِ. وَسَمَّيْته الْبَحْرَ الْمُحِيطِ " وَاَللَّهَ أَسْأَلَ أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ مُقَرَّبًا لِلْفَوْزِ بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ، بِمَنِّهِ وَكَرْمِهِ.
1 / 17
[فَصْلٌ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِي الْأُصُولِ]
الشَّافِعِيُّ ﵁ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ صَنَّفَ فِيهِ كِتَابَ الرِّسَالَةِ "، وَكِتَابَ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ "، وَاخْتِلَافِ الْحَدِيثِ "، وَإِبْطَالِ الِاسْتِحْسَانِ " وَكِتَابَ جِمَاعِ الْعِلْمِ " وَكِتَابَ " الْقِيَاسِ " الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ تَضْلِيلَ الْمُعْتَزِلَةِ وَرُجُوعَهُ عَنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ، ثُمَّ تَبِعَهُ الْمُصَنِّفُونَ فِي الْأُصُولِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُ الْخُصُوصَ وَالْعُمُومَ حَتَّى وَرَدَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ الْجُوَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ ": لَمْ يَسْبِقْ الشَّافِعِيَّ أَحَدٌ فِي تَصَانِيفِ الْأُصُولِ وَمَعْرِفَتِهَا.
وَقَدْ حُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ تَخْصِيصُ عُمُومٍ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ الْقَوْلُ بِالْمَفْهُومِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَمْ يُقَلْ فِي الْأُصُولِ شَيْئًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ قَدَمٌ. فَإِنَّا رَأَيْنَا كُتُبَ السَّلَفِ مِنْ التَّابِعِينَ وَتَابِعِي التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ فَمَا رَأَيْنَاهُمْ صَنَّفُوا فِيهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْهُ، وَكَانَ مُتَقَدِّمًا فِي الْعِلْمِ،
1 / 18
وَكَانَ يَأْخُذُ بِرِكَابِهِ فَيَتْبَعُهُ، وَيَتَعَلَّمُ مِنْهُ. اهـ. وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ هُوَ أَصْغَرُ مِنْ الشَّافِعِيِّ بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيَّ كَانَ يَتْبَعُ الشَّافِعِيَّ فِي الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ وَرُبَّمَا يُخَالِفُهُ فِي الْأُصُولِ، كَقَوْلِهِ بِتَصْوِيبِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْفُرُوعِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ، وَكَقَوْلِهِ: " لَا صِيغَةَ لِلْعُمُومِ ".
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ. وَنُقِلَ مُخَالَفَتُهُ أُصُولَ الشَّافِعِيِّ وَنُصُوصَهُ وَرُبَّمَا يَنْسُبُ الْمُبْتَدَعُونَ إلَيْهِ مَا هُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ كَمَا نَسَبُوا إلَيْهِ أَنَّهُ يَقُولُ: لَيْسَ فِي الْمُصْحَفِ قُرْآنٌ، وَلَا فِي الْقُبُورِ نَبِيٌّ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِيمَانِ وَنَفْيُ قُدْرَةِ الْخَالِقِ فِي الْأَزَلِ، وَتَكْفِيرُ الْعَوَامّ، وَإِيجَابُ عِلْمِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِمْ. وَقَدْ تَصَفَّحْت مَا تَصَحَّفْت مِنْ كُتُبِهِ، وَتَأَمَّلْت نُصُوصَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَوَجَدْتهَا كُلَّهَا خِلَافَ مَا نُسِبَ إلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ فِي كِتَابِ شَرْحِ كِتَابِ الْمَقَالَاتِ " لِلْأَشْعَرِيِّ فِي مَسْأَلَةِ تَصْوِيبِ الْمُجْتَهِدِينَ: اعْلَمْ أَنَّ شَيْخَنَا أَبَا الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيَّ يَذْهَبُ فِي الْفِقْهِ وَمَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ أَيْضًا مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَنَصُّ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ فِي بَابِ إيجَابِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمَأْمُومِ: خِلَافُ قَوْلِ
1 / 19
أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْجَهْرُ بِالْبَسْمَلَةِ: خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ، وَفِي إثْبَاتِ آيَةِ الْبَسْمَلَةِ فِي كُلِّ سُورَةٍ آيَةً مِنْهَا قُرْآنًا مُنَزَّلًا فِيهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي كِتَابِهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ بِمُوَافَقَةِ أُصُولَهُ.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ شَرَفِ عِلْمِ الْأُصُولِ]
ِ اعْلَمْ أَنَّ الْعُلُومَ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ:
الْأَوَّلُ: عَقْلِيٌّ مَحْضٌ، كَالْحِسَابِ وَالْهَنْدَسَةِ.
وَالثَّانِي: لُغَوِيٌّ، كَعِلْمِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ وَالصَّرْفِ وَالْمَعَانِي وَالْبَيَانِ وَالْعَرُوضِ.
وَالثَّالِثُ: الشَّرْعِيُّ وَهُوَ عِلْمُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَشْرَفُ
1 / 20
الْأَصْنَافِ، ثُمَّ أَشْرَفُ الْعُلُومِ بَعْدَ الِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ الْعَمَلِيَّةِ، وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ بِالتَّقْلِيدِ وَنَقْلُ الْفُرُوعِ الْمُجَرَّدَةِ يَسْتَفْرِغُ جَمَامَ الذِّهْنِ وَلَا يَنْشَرِحُ بِهَا الصَّدْرُ، لِعَدَمِ أَخْذِهِ بِالدَّلِيلِ، وَشَتَّانَ بَيْنَ مَنْ يَأْتِي بِالْعِبَادَةِ تَقْلِيدًا لِإِمَامِهِ بِمَعْقُولِهِ وَبَيْنَ مَنْ يَأْتِي بِهَا وَقَدْ ثَلَجَ صَدْرُهُ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهَذَا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالِاجْتِهَادِ، وَالنَّاسُ فِي حَضِيضٍ عَنْ ذَلِكَ، إلَّا مَنْ تَغَلْغَلَ بِأُصُولِ الْفِقْهِ، وَكَرَعَ مِنْ مَنَاهِلِهِ الصَّافِيَةِ، وَأَدْرَعَ مَلَابِسَهُ الضَّافِيَةَ، وَسَبَحَ فِي بَحْرِهِ، وَرَبِحَ مِنْ مَكْنُونِ دُرِّهِ.
قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِ الْمَدَارِكِ " وَهُوَ مِنْ أَنْفَسِ كُتُبِهِ: وَالْوَجْهُ لِكُلِّ مُتَصَدٍّ لِلْإِقْلَالِ بِأَعْبَاءِ الشَّرِيعَةِ أَنْ يَجْعَلَ الْإِحَاطَةَ بِالْأُصُولِ شَوْقَهُ الْآكَدَ، وَيَنُصَّ مَسَائِلَ الْفِقْهِ عَلَيْهَا نَصَّ مَنْ يُحَاوِلُ بِإِيرَادِهَا تَهْذِيبَ الْأُصُولِ، وَلَا يَنْزِفُ جَمَامَ الذِّهْنِ فِي وَضْعِ الْوَقَائِعِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا لَا تَنْحَصِرُ مَعَ الذُّهُولِ عَنْ الْأُصُولِ.
1 / 21
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى ": خَيْرُ الْعِلْمِ مَا ازْدَوَجَ فِيهِ الْعَقْلُ وَالسَّمْعُ وَاصْطَحَبَ فِيهِ الرَّأْيُ وَالشَّرْعُ عِلْمُ الْفِقْهِ، وَأُصُولُ الْفِقْهِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ صَفْوِ الْعَقْلِ وَالشَّرْعِ سَوَاءَ السَّبِيلِ، فَلَا هُوَ تَصَرَّفَ بِمَحْضِ الْعُقُولِ بِحَيْثُ لَا يَتَلَقَّاهُ الشَّرْعُ بِالْقَبُولِ، وَلَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّقْلِيدِ الَّذِي لَا يَشْهَدُ لَهُ الْعَقْلُ بِالتَّأْيِيدِ وَالتَّسْدِيدِ، وَلِأَجْلِ شَرَفِ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ وَرِفْعَتِهِ وَفَّرَ اللَّهُ دَوَاعِيَ الْخَلْقِ عَلَى طُلْبَتِهِ، وَكَانَ الْعُلَمَاءُ بِهِ أَرْفَعَ مَكَانًا، وَأَجَلَّهُمْ شَأْنًا، وَأَكْثَرَهُمْ أَتْبَاعًا وَأَعْوَانًا.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ " الْأُصُولُ ": اعْلَمْ أَنَّ النَّصَّ عَلَى حُكْمِ كُلِّ حَادِثَةٍ عَيْنًا مَعْدُومٌ، وَأَنَّ لِلْأَحْكَامِ أُصُولًا وَفُرُوعًا، وَأَنَّ الْفُرُوعَ لَا تُدْرَكُ إلَّا بِأُصُولِهَا، وَأَنَّ النَّتَائِجَ لَا تُعْرَفُ حَقَائِقُهَا إلَّا بَعْدَ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ بِمُقَدِّمَاتِهَا، فَحُقَّ أَنْ يُبْدَأَ بِالْإِبَانَةِ عَنْ الْأُصُولِ لِتَكُونَ سَبَبًا إلَى مَعْرِفَةِ الْفُرُوعِ.
ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي نِسْبَةِ الْأُصُولِ إلَى الْفِقْهِ، فَقِيلَ: عِلْمُ الْأُصُولِ بِمُجَرَّدِهِ كَالْمَيْلَقِ الَّذِي يُخْتَبَرُ بِهِ جَيِّدُ الذَّهَبِ مِنْ رَدِيئِهِ، وَالْفِقْهُ كَالذَّهَبِ، فَالْفَقِيهُ الَّذِي لَا أُصُولَ عِنْدَهُ كَكَاسِبِ مَالٍ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ، وَلَا مَا يَدَّخِرُ مِنْهُ مِمَّا لَا يَدَّخِرُ، وَالْأُصُولِيُّ الَّذِي لَا فِقْهَ عِنْدَهُ كَصَاحِبِ الْمَيْلَقِ الَّذِي لَا ذَهَبَ عِنْدَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَجِدُ مَا يَخْتَبِرُهُ عَلَى مَيْلَقِهِ.
وَقِيلَ: الْأُصُولِيُّ كَالطَّبِيبِ الَّذِي لَا عَقَارَ عِنْدَهُ، وَالْفَقِيهُ كَالْعَطَّارِ الَّذِي عِنْدَهُ كُلُّ عَقَارٍ، وَلَكِنْ لَا يَعْرِفُ مَا يَضُرُّ وَلَا مَا يَنْفَعُ.
وَقِيلَ: الْأُصُولِيُّ كَصَانِعِ السِّلَاحِ، وَهُوَ جَبَانٌ لَا يُحْسِنُ الْقِتَالَ بِهِ، وَالْفَقِيهُ كَصَاحِبِ سِلَاحٍ وَلَكِنْ لَا يُحْسِنُ إصْلَاحَهَا إذَا فَسَدَتْ، وَلَا جِمَاعَهَا إذَا صَدَعَتْ.
1 / 22