ومن نقائضه أنه يدعى موسم الثمرات؛ لأنه موسم الحصاد، ولولا أنها نبتت في الشتاء أو الخريف لما حصدت فيه ...
وإذا ارتفعت فيه الحواجز، وتفتحت فيه الأبواب، فكثيرا ما تنفتح للناس وهو من ورائهم كرار قهار، يطردهم طردا إلى الخلاء بغير قرار، وقد يطردهم من ديارهم إلى خارج الديار، وإن شط المزار.
وإذا أغناهم عن النار أحوجهم إلى الثلج، أو أغناهم عن الكساء أحوجهم إلى نسمات الهواء.
يتأففون منه بحكم الفطرة قبل حكم المشيئة، فهم بين زافر ونافر، وبين نافخ في الهواء أو متطلع إلى السماء، فلو أراد أن يتجمل ويتلطف، غلبته «القافية» فتململ وتأفف، وأوجس شرا، وضاق صدرا، وإن اتسعت حوله منادح الفضاء!
إلا أنني أحمد له ساعة لا يحمدها أحد؛ لأنها الساعة التي ينام فيها كل أحد، ولا أحس فيها لاغية في الطريق، ولا في البلد! ...
عودت الليالي في صيفها أو شتائها ألا أقضيها كلها نائما، وإن قصرت مسافتها بين المغرب والمشرق، فلا بد من يقظة أو يقظات، ولا بد من كل يقظة من جلسة إلى صفحة أو أسطوانة، أو نظرة على الأقل إلى الشرفة قد تطول في كثير من الليالي إلى مطلع الفجر، وقد تنسيني الفراش حتى الصباح ...
يتعمق بي الليل أو أتعمق به في هذه الجلسات الطوال، فتنقطع الرجل من الطريق كما يقول سهارة الليل، وتنقضي اللحظة بعد اللحظة ولا حس ولا خبر، ولا موقع قدم، ولا همسة هامس من قريب أو بعيد.
وحدي في الكون كله، أو الكون كله لي وحدي ... وحسبك من الصيف أن يعطيك لحظات معدودات تحس فيها بالكون كله بين يديك، مخلوقا لك بغير منازع ولا شريك.
تحس بهذا، نعم، مجرد إحساس لا تستولي به على الحقيقة في ظاهرها وباطنها، ولكنه الإحساس الذي يكفي؛ لأنه غاية الكفاية، وغاية الإمكان ...
لحظة تنفرد فيها بالكون كله ولو في عالم بين اليقظة والمنام، وهل يتفرد أحد بشيء من الأشياء في غير عالم الوهم، أو عالم الأحلام؟!
Bog aan la aqoon