الحذر من السحر
الحذر من السحر
Daabacaha
مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان
Goobta Daabacaadda
الرياض
Noocyada
وقوع مرض له ﷺ بسبب السحر - نظير ما كان يعتريه ﷺ من المرض بسبب تلك الشاة المسمومة التي أتت بها يهودية فأكل ﵊ منها (١)، وقد أدرك يهود خيبر أن نجاته ﵊ من الموت بالحال من أثر ذلك السمِّ الفتاك الذي دُسَّ له، هو دليل دامغ على صدق نبوته، حيث سألهم ﷺ: «هل جعلتم في هذه الشاة سمًا؟» فقالوا: نعم، فقال: «ما حَمَلكم على ذلك»؟ فقالوا: أردنا إن كنت كاذبًا نستريح منك، وإن كنت نبيًا لم يضرّك» (٢) .
فلم يضره ذلك السمّ على الوجه المعهود، - وبخاصة أن اليهودية التي أهدت الشاة كانت قد أكثرت السم في الكتف والذراع؛ لأنه بلغها أن ذلك كان أحبّ أعضاء الشاة إليه ﷺ لكن أثره مع ذلك كان بصورة ألم ناشئ عن ذلك الأكل ومرض كان يعتريه ﷺ من تلك الأكلة أحيانًا، وقد أخبر أنس ﵁ عن أثر ذلك السم بقوله: (فما زلت أعرفها في لهوات (٣) رسول الله ﷺ (٤)، كذلك هنا، فإن أشد أنواع السحر لم يُذهِب بعقله، بل أثّر في ظاهر جسده مرضًا حتى صار كالذي ينكر بصره وأُخِذ عن النساء فترة يسيرة. وعلى ذلك كلِّه لا يبقى لمن ادعى تنقُّصًا من مقام النبوَّة بإثبات حديث السحر حجّة، بل إن فيه من دلائل نبوَّته ﷺ ما فيه، وأن من دلائلها الباهرات عصمة الله تعالى لنبيِّه ﷺ من قتل الناس له بسُمٍّ، ولو كان فتاكًا، أو ذهول عقل بسِحر ولو كان أشد أنواع السحر، وكذلك عصمته ﷺ عن مطلق تسليطٍ مُهلِكٍ من الناس، وهو القائل سبحانه: [المَائدة: ٦٧] .
(١) كما في صحيح البخاري، برقم (٢٦١٧)، عن أنس ﵁، وعند مسلم من حديثه أيضًا، برقم (٢١٩٠)، بزيادة: «فسألها عن ذلك»؟ فقالت: أردت لأقتلك، قال: «ما كان الله ليسلطك على ذاك»، أو قال: «عليّ» . (٢) كما في صحيح البخاري؛ برقم (٥٧٧٧)، من حديث أبي هريرة ﵁. (٣) اللَّهَوات، جمع لَهاةٍ، وهي اللحمة المعلّقة في أصل الحَنَك - والحنك: ما تحت الذقن -، وقيل: هي ما بين مُنقطَع اللسان إلى منقطع أصل الفم. انظر: الفتح لابن حجر (١٠/٢٥٨) . (٤) قول أنس ﵁، هو في الصحيحين، وقد سبق تخريجه آنفًا بالهامش ذي الرقم (١) .
1 / 70