64

الحذر من السحر

الحذر من السحر

Daabacaha

مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان

Goobta Daabacaadda

الرياض

Noocyada

للساحر، حيث استطاع الإمراضَ بسحره، فيرده [أن مرض النبيِّ ﷺ دام مدة ثم أطلعه الله عليه، فأخبر أصحابه بمحلّه، فوجدوه في المحل الذي أخبر به، فكان ذلك من أعلام نبوته، وشفى الله رسوله ﵊ من المرض، وباء الساحر بالخزي ولم يفلح في مسعاه، كما قال تعالى: [طه: ٦٩] ﴿وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى﴾ . والأمور لا يُنظر فيها إلا عواقبُها، والنصر في العاقبة للرسل، ولمن كان على قدمهم من أممهم] (١) . وملخص ما سبق جميعه: هو أن الحديث ثابت، وهو في أعلى درجات الصحيح، وقد سلم متنه من اضطراب وإسناده من تضعيف، وأن السحر الذي وقع قد أثّر في بعض قوة النبيِّ ﷺ الجسمية، دون أن يمس قدرته الفكرية بشيء، فهو من جنس المرض الذي يعتري سائر البشر، وليس ذلك قادحًا في منصب النبوة، بل هو دليل من دلائلها (٢)، حيث أثبت الحديثُ صدق النبيِّ ﷺ فيما يُخبِر به عن حال نفسه الشريفة، فضلًا عما يخبر به من خبر السماء، وإلا فلو أنه كان مُخفِيًا شيئًا لأخفى مثل هذا عن الناس مخافة أن يتنقصوا من مقامه، ثم إن إثبات ذلك دالّ بالمحصّلة على إثبات النبوَّة من حيث إن الله سبحانه قد استجاب دعاءه وأعلمه بجنس مرضه، وعيّن له موضع السحر - بتفصيل شهد الواقع أنه حق - ثم أكرمه ربّه فعافاه، وزاده إكرامًا أن أوحى إليه بدواء السحر: المعوذتين، وقد فقهَتْ مثلَ ذلك أخت الساحر لبيد بن الأعصم، حيث قالت: (إن يكن نبيًا فسيُخبَر، وإلا فسيذهله هذا السحر حتى يُذهِب عقله) (٣)، وقال الحافظ ابن حجر: (فوقع الشِّق الأول كما في هذا الحديث الصحيح) (٤)، أي أخبره الله بذلك، وهذا - أي

(١) زاد المسلم أيضًا (٤/٢٢٣) . (٢) يشار هنا إلى أن من عظيم فقه الإمام أبي بكر البيهقي اعتبارَه هذا الحديث من أعلام نبوته ﷺ. انظر: دلائل النبوة (٦/٢٤٧) . (٣) كما ذكره ابن سعد في طبقاته (٢/١٥٢)، مرسلًا عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك. (٤) انظر: الفتح (١٠/٢٣٧) .

1 / 69