إنما تتصور عند سماعك لفظ السماء هذا الكون الذي فوقك فيه الشمس والقمر وسائر الكواكب تجري في مجاريها وتتحرك في مداراتها، هذا هو السماء وقد بناه الله أي رفعه وجعل كل كوكب منه بمنزلة لبنة من بناء سقف أو قبة أو جدران تحيط بك، وشد هذه الكواكب بعضها إلى بعض برباط الجاذبية العامة كما تربط أجزاء البناء الواحد بما يوضع بينهما مما تتماسك به، والذي بنى السماء هو الله جل شأنه.
(فاستفدنا من أطراف كلام الشيخ) أن السماء في اعتقاده غير السماء التي يعتقدها أهل الشرع التي تقدم بيانها وسيأتي بعض ما يتعلق بها إن شاء الله تعالى، فالسماء عند الشيخ يطلقها تارة على الجو الذي فيه الكواكب، وتارة على نفس الكواكب، وتارة على المجموع المربوط كواكبه بجاذبية أي بأمر معنوي لا قوام له شبه المغناطيس كما سيصرحون به بعد، وهذه الجاذبية عنده بمثابة الجص والرمل اللذين يوضعان بين الحجارة في البناء المعهود بنا فيتكون من الهيئة المذكورة السماء.
(واستفدنا) أيضا من كلامه: أن تلك الكواكب مسكونة بالملائكة أو غيرها، وأن هلاك هذا الكون وانفطاره وانشقاقه وظهور الغمام يكون بتصادم كوكبين في حال سيرهما، وغير ذلك من المعاني الغزيرة الغريبة فهو لا يؤمن بأن اختلال نظام هذا العالم يكون بسبب نفخ إسرافيل ﵇ في الصور الناطقة به الآيات والأحاديث، واستفدنا منه أيضا: تعدد الشمس والقمر زيادة عما أخبر به الله به بقوله: ﴿فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة﴾ فهما كوكبان أحدهما ظهوره بالنهار والآخر بالليل، فما استفدناه من كلامه هو الذي يسبح فيه تلامذته، فإذا كانت عقيدة الشيخ هذه فلا نلوم على اتباعه المعتقدين كماله وعلمه على حد ما قيل:
1 / 62