Евреи в истории древних цивилизаций
اليهود في تاريخ الحضارات الأولى
Жанры
وتحل سنة 721 قبل الميلاد، فيهدم ملك نينوى «سرجون» مملكة السامرة، وتحافظ مملكة أورشليم، وهي أصغر من تلك بمراحل، على قليل من النظام والكرامة والنفوذ، فتدوم نحو قرن ونصف قرن بعد تلك، على أن مملكة أورشليم تلك مدينة في بقائها المؤقت هذا للثورات التي كانت تقلب كبريات دول آسيا، فكان من نتائج سقوط نينوى تأخير سقوط أورشليم.
بيد أن ملوك اليهودية أثاروا غضب نبوخذ نصر بمخالفتهم لفرعون مصر، فاستولى ملك بابل القوي على أورشليم في سنة 586ق.م، فجعل عاليها سافلها، وهدم هيكلها وجعل من اليهود أسارى، فغدت أورشليم أثرا بعد عين.
ومن العبث أن أصدر كورش مرسوما أذن فيه للعبريين في العودة إلى فلسطين، وإعادة بناء مدينتهم وهيكلهم، فهم لم يجددوا بناء أورشليم إلا مرتجفين مهددين من قبل ملوك فارس الذين كانت تساورهم الريب حول كل حجر يضاف إلى الأسوار، آمرين قساة بوقف العمل في غير مرة مستمعين في ذلك لتقارير كاذبة.
والواقع أن استقلال اليهود لم يكن غير اسمي بعد ذلك، وما فتئ الفرس والأغارقة والرومان يبسطون سلطانهم المرهوب بالتتابع على تلك المملكة الهزيلة، فتتميز هذه المملكة غيظا من هذا الاستعباد المتصل، فلا تجد ما تتعزى به عن عجزها سوى إلقاء فارغ الخطب.
وما كانت الأحلام العظيمة التي صدرت عن أنبيائها - وهم الذين لم يستطيعوا أن يمنوا عليها بالوطنية ولا بالنشاط ولا بالركون إلى مصيرها - لتؤدي إلى غير إسكارها في خزيها وبؤسها، وإلى غير زيادة انتفاخها كأمة سحقت ودقت.
والشعب اليهودي إذ كان على جانب كبير من الجبن العميق، عاد لا ينتظر نهوضه بغير معجزة، وذلك على الرغم من إبدائه شيئا من اندفاعات البطولة في دور القضاة وعهد داود وحين مقاتلته اليائسة لبابل، وأوجب تفسير أسفار كتبته الوطنيين والدينيين امتلاءه أوهاما عجيبة، وحيرت لهجته الفارغة دولة روما العظمى نفسها، فاقتصرت على احتقاره مع أنها كانت تعلم قدرتها على سحق وكر المتعصبين المشاغبين ذلك عند الضرورة، ولم تعتم فوضى ذلك الشعب الصغير المزعج وفساده وضوضاؤه أن استنفد صبر تلك الدولة العظمى، فعزمت على إبادته لكيلا تسمع حديثا عنه.
ففي سنة 70 من الميلاد استولى تيطس على أورشليم وجعلها طعمة للنيران، وبدئ بتشتيت شمل اليهود.
ولكن ذلك الشعب المتعصب فيما كان يخرج من صف الأمم، وفيما كانت تذهب ريحه، وفيما كان يهد في طريق العالم حتى يداس بازدراء تحت أقدام الشعوب في قرون كثيرة، وفيما كان يقضي تلك الدقيقة الحرجة من حياته فتلوح أنها آخر دقائقه؛ إذ ظهر منه ذلك المتهوس الشهير الذي سيسود اسمه الغرب نحو ألفي سنة؛ إذ ظهر منه عامل جليلي غامض الأمر؛ ليكون الإله المرهوب لدى أمدن شعوب الأرض.
الفصل الثاني
نظم العبريين وطبائعهم وعاداتهم
Неизвестная страница