Евреи в истории древних цивилизаций
اليهود في تاريخ الحضارات الأولى
Жанры
والملك سليمان، الذي عاش حاكما شرقيا حقيقيا بكثرة آلهته، وبدائرة حريمه المشتملة على مئات النساء، وبثيابه الزاهية وبقصوره وبحرسه الأجنبي، اتفق له في خيال الناس من التحول ما لا يقل عما اتفق لأبيه من غفران وتطهير.
والملك سليمان شاد الهيكل عن زهو لا عن زهد؛ وذلك تقليدا لأبهة ملوك مصر وآشور، واستنساخا لطرزهما البنائية.
وانهمك سليمان فيما لا عهد لأسباط بني إسرائيل الجليفة به من ضروب الملاذ الآسيوية، فلم يفكر في غير التمتع بعمل داود تمتع ذي أثرة، فأثقل كاهل الشعب بالضرائب؛ ليقوم بنفقات شهواته معدا بذلك مقبل الفتن.
ومع ذلك جعل من سليمان ذلك الرجل المرتاب النبيه المتكلم في سفر الجامعة، وأغمضت العيون عن عيوبه تفكيرا في شبابه؛ حيث تقول القصة: إن الرب خاطبه رأسا مبصرا إياه نقي اليدين خليقا بأن يبني هيكله.
وكان سليمان ماهرا في ربط شعبه بروابط المحالفات، فصار ملك مصر صديقا له مزوجا إياه بإحدى بناته، وارتبط فيه ملك صور حيرام بصلات الصداقة والتجارة، وفي القصة أن ملكة سبأ أتت من أقاصي جزيرة العرب حاملة له بعض الهدايا، مختبرة علمه وحكمته ببعض الأسئلة.
وامتدت مملكة إسرائيل، إذ ذاك، من دمشق إلى مصر، ومن البحر المتوسط إلى حد بعيد من البادية الشرقية.
وإذا كان سليمان لم يشهر حربا، افتتح أراضي كثيرة متغلبا على الرمال، وذلك بأن وسع رقعة الأراضي الصالحة للزراعة، وبأن شاد مدينة تدمر الرائعة في مكان يلوح لنا اليوم أنه غير نافع للسكن، غير أن مصير تلك المدينة كان مؤقتا كما يظهر، فمركز كبير للسكان كذلك المركز لا يمكن أن يدوم في سواء البادية بعيدا عن مجاري المياه المهمة إلا بمعجزات الصناعة والعمل، فلما مات سليمان نهكت الفتن الأهلية بني إسرائيل، فهجرت تلك المدينة الشرقية إلى أن استولى عليها الرومان وجددوا بناءها، واليوم ترى أعمدة تلك المدينة قائمة في اعتزال، فيقضي السائح منها العجب ممتلئة نفسه بغم غريب.
ولا يزال اسم سليمان وتدمر الكبيران يبهران الفكر؛ لما يبدو من سطوعهما في تاريخ بني إسرائيل الكئيب، والمرء إذا ما صدف عنهما لم يبصر غير هوة مظلمة دامية تزلق فيها هاوية بما يثير الحزن، تلك المملكة الصغيرة التي من عليها داود وابنه بعظمة مدة سنوات قليلة.
ولبضعة قرون تحافظ أورشليم، حيث يملك آل داود، على شيء من التفوق الأدبي، فتكون مركزا ثقافيا لفلسطين؛ وذلك بأن غدا الكهنة يؤلفون الأقاصيص، وبأن صار عظماء الأنبياء يسمعون أصواتهم مجدين مع أولئك، على غير جدوى، في إعادة وحدة بني إسرائيل بوحدة تقاليدهم ودينهم.
وأما مملكة الأسباط العشرة التي أقامها يربعام متخذا شكيم «نابلس»، ثم السامرة «سبسطية» عاصمة لها، فقد كانت مسرحا لأفظع الفجائع، وما كان يقع فيها من اغتصاب ومذابح واستعانة بالأجنبي فقد أثار ازدراء الأمم المجاورة دوما، فلم تنفك هذه الأمم تطالب بإبادة بؤرة الفوضى والتمرد تلك.
Неизвестная страница