Итальянское единство

Таха аль-Хашими d. 1380 AH
176

Итальянское единство

الوحدة الإيطالية

Жанры

وبفشل عقد المؤتمر أصبحت الحرب قاب قوسين أو أدنى، ومع أن الملك ويلهلم أخذ يتجه نحو سياسة الحرب رويدا رويدا، فإن النفوذ السلمي كان لا يزال في بروسية قويا؛ ولذلك لقي بيسمارك صعوبة في خلق ذريعة يتذرع بها، فطلب إلى إيطالية أن تسبق النمسة بالعمل فتهاجمها ولكن لامارمورا ظل حذرا كما في السابق، وخاف من أن تتراجع بروسية في الساعة الأخيرة فتتحمل إيطالية وحدها أعباء الحرب، إلا أن تحريض الدول الألمانية الصغرى كان على وشك أن يقنع النمسة بأن تكون هي المعتدية.

وفي 14 حزيران قرر مجلس الاتحاد الجرمني مساعدة النمسة ضد بروسية، وبعد مرور يومين على هذا الحادث توغل البروسيون في سكسونية وهانوفر، فأعلنت إيطالية الحرب على النمسة في 20 حزيران.

وقد قوبل إعلان الحرب في كل البلاد الإيطالية بمزيد الارتياح والامتنان، وكانت الحماسة لإنقاذ فنيسيه واستئناف السير في طريق الوحدة كبيرة جدا، وقد أيقظ الشعور بأن الحرب قريبة الوقوع في البلاد روح سنة 1860، فتلاشت جميع الأحزاب وتخلى لامارمورا عن منصبه مؤثرا الذهاب إلى ميدان القتال، فخلفه ريكاسولي في الرئاسة وتوفق في تأليف وزارة صامتة للاتفاق بين الجماعات.

وقد حولت الحكومة جميع السلطات لفرض الضرائب بإرادة ملكية، وبناء على اقتراح كريسبي صدر قانون شديد بحق المشبوهين؛ لقمع المؤامرات في الداخل، وناشد مازيني الجمهوريين أن يعاضدوا الحكومة بقوة، واستدعى غاريبالدي من كاربيره ليتولى قيادة المتطوعين، وكان لامارمورا قد هيأ العدد اللازمة لأربعة عشر ألف متطوع، وقد تقدم في أسبوع واحد أكثر من ثلاثين ألف رجل للتطوع، ولو تمكنت الحكومة من تسليحهم لتضاعف العدد.

لم يرحب الشعب الإيطالي كثيرا بمحالفة بروسية، وكان البعض يميلون إلى الاعتقاد بأن صداقة بروسية للنمسة أكثر من صداقتها لإيطالية، ثم إن الإيطاليين يكرهون بيسمارك لاحتقاره للحكومات البرلمانية، ويحنقون على الأمة التي استسلمت، وكان لامارمورا وحده يعتمد بعض الاعتماد على الجيش البروسي .

لقد خاضت إيطالية غمار الحرب وهي واثقة من النصر، وكان جيشها يفوق جميع القوات التي تستطيع أن تحشدها النمسة لقتاله، فإيطالية تتمكن أن تحشد 220000 ألفا ما عدا المتطوعين وجنود الاحتياط؛ للقاء مائة ألف جندي يؤلفون الجيش النمسوي في فنيسيه والتيرول باستثناء الحاميات، وكان الناس في إيطالية لا يعلمون شيئا عن سوء الإدارة في الجيش الإيطالي، وربما كانوا يجهلون الفساد الذي أخل بتنظيم الجيش وحسد القادة وعدم كفايتهم التي شلت قيادته وقد مات فانتي وكان لامارمورا وجيالديني يمثلان - إلى حد ما - مدرستين مختلفتين خصمتين.

وقد تولى الملك قيادة الجيش على ضفاف مينجيو، وجعل الجنرال لامارمورا رئيس أركان حربه، وتولى الجنرال جيالديني قيادة جيش بو، وبينما سلك لامارمورا الخطة السوقية الأكثر حذرا بتقدمه وجميع القوات من الغرب نحو القلاع الأربع وإجبار النمسويين على خوض المعركة في ميدان القتال السابق بين نهري مينجيو وإديجة، اختار جيالديني الخطة السوقية الجريئة بالتقدم من ضفاف نهر بو السفلي وإجبار النمسويين على خوض المعركة في «بادويه»، وقد ترك قوة كافية لمهاجمة القلاع الأربع من الشرق في حالة انتصاره في هذه المعركة، ثم التقدم بالجيش الأصلي نحو الدانوب لتحريض الهنغاريين على الثورة، وكان سفير بروسية في فلورنسة يؤيد هذه الخطة كل التأييد، وربما حرضه بسمارك عليها لأنه كان معدا لحركة عصيان في هنغارية منذ مدة طويلة.

وكان ريكاسولي الذي أخذ يتصل بالمتآمرين الهنغاريين والسلاف موافقا على تلك الخطة، كما أن الملك رحب بها كل الترحيب بيد أن القادة عارضوا الخطة السوقية الجريئة ولا سيما لأن مارمورا كان لا يعتمد على الحركات غير المنظمة، وقد رفض طلب الزعيم الهنغاري كوشوت إثارة العصيان في هنغارية وإرسال المتطوعين إلى التيرول لستر جناح الجيش الإيطالي الأيسر، وقد أصاب - بلا شك - في ارتيابه في الوعود الهنغارية؛ لأن كوشوت قد فقد مركزه كما أن الزعيم الهنغاري ديك لم يشأ أن يقطع الحبل مع النمسة، وكانت خطة لامارمورا إسقاط القلاع الأربع أولا ثم التقدم نحو التيرول، وتلك هي الخطة المثلى ، ولكن القيادة المزدوجة ويا للأسف ! أفسدت الخطة واختطت خطة ثالثة جمعت بين الخطتين السابقتين، وهي ترمي إلى مهاجمة القلاع الأربع من الجانبين.

وبدأ القتال في صباح 23 حزيران، وكانت خطة الحركات تستهدف اجتياز لامارمورا بجميع قواته نهر منيجيو وجذب النمسويين إلى الغرب؛ ليسهل على جيالديني مرور نهر بو من «فراره»، إلا أن لامارمورا تقدم قبل أن يتأهب جيالديني للحركة، وبدأت الحركة في الصباح الباكر ليوم 24 حزيران، وهي لو نجحت لمكنت الطليان من الظفر بالموقع المنيع القوي، بيد أن النمسويين كانوا عصر اليوم المنصرم قد تركوا فيرونه وتقدموا ليلا واحتلوا الروابي قبل الطليان، وكان عددهم تسعين ألفا مما استطاع بذلك القائد النمسوي الماهر الأرشيدوق ألبرت أن يسبق الطليان، وبينما كان الجيش الإيطالي يتقدم مهملا أمر الاستطلاع كان الجيش النمسوي يتحرك في سبعة أرتال تسير على سبع طرق، ثم يباغت القوات الإيطالية ويتغلب على فرقها المتفوقة الواحدة تلو الأخرى ويكسب معركة «كوستوزه»، ويضطر الطليان إلى التقهقر إلى ما وراء نهر منيجيو وقد نهكهم التعب وأثرت فيهم قلة الأرزاق.

ولم تكن معركة كوستوزه كارثة قاصمة من الوجهة السوق الجيشية، إلا أن وقعها كان سيئا وتأثيرها في معنويات الجيش كان عظيما، فاستولى الذعر على القادة وأبرق لامارمورا إلى جيالديني ولغاريبالدي بالنبأ على صورة تثبط العزائم، وانسحب في 26 حزيران إلى ما وراء نهر «أوجليو» بعد أن أزعجته خيالة العدو، أما غاريبالدي فأمر بالانسحاب لحماية بروسية، وقد أحسن لامارمورا صنعا بعد كوستوزه بتولية مهمة القيادة العامة إلى جيالديني؛ ليتلافى ما نجم عن خطأ القيادة المزدوجة، ووعد الملك ريكاسولي بألا يتدخل في سير الحركات، وتعذر القيام بهجوم مصطنع في 29 حزيران على «بورجوفورته» بينما يجتاز جيالديني بو الأسفل، وحينما تتصل قوات لامارمورا بقوات جيالديني يتولى هذا القيادة العامة، وبذلك تعود إلى الجيش ثقته بنفسه، ولا سيما لأن تفوقه بالعدد كان يبشر بالنصر.

Неизвестная страница