[68_2]
المراصد، ويحتال له، بالمكايد؛ فإن ظفر به فأظهر عقوبته، كسر ذلك ثقات عيونك، وخذلهم عن تطلب الأخبار من معادنها، واستقصائها من عيونها، واستعذاب اجتنائها من ينابيعها، حتى يصيروا إلى أخذها على عرض من غير الثقة ولا المعاينة، لقطا لها بالأخبار الكاذبة، والأحاديث المرجفة؛ واحذر أن يعرف بعض عيونك بعضا، فإنك لا تأمن تواطؤهم عليك، وممالأتهم عدوك، واجتماعهم على غشك، وتطابقهم على كذبك، وإصفاقهم على خيانتك؛ وأن يورط بعضهم بعضا عند عدوك؛ فاحكم أمرهم فإنهم رأس مكيدتك، وقوام تدبيك، وعليهم مدار حربك، وهو أول ظفرك.
وذكر له بعد هذا صفة من يوليه شرطته، وأن يكون أوثق قواده عنده، وآمنهم نصيحة، وأقدمهم بصيرة في طاعته، وأصدقهم عفافا؛ وأن يبسط من أمله مظهرا عنه الرضا، حامدا منه الابتلاء. وبين له عمله في الجيش وسلطته على الناس. وقال له أن يولي القضاء في عسكره رجلا من ذوي الخير في القناعة والعفاف والنزاهة والفهم والوقار والعصمة والوروع ممن حنكته السن، وأيدته التجربة؛ ويكون ممن لا يداهن في القضاء وممن يعدل، وأن يجري عليه ما يكفيه ويسعه ويصلحه، ليتفرع لما حمله، ويعان على ما ولي؛ وأشار له أن ينتخب لطلائعه ذوي نجدة وبأس وخبرة ممن صلوا بالحروب، وشربوا مرار كؤوسها؛ وأن ينتقيهم على عينه، ويعرض كراعهم بنفسه ، وبين له ما يصلح من الخيل والسلاح، ووصف ذلك أبدع وصف؛ وحذره أن يكل مباشرة عرضهم وانتخابهم إلى أحد من أعوانه وكتابه، لئلا يضيع مواضع الحزم، ويقف دون عزم الروية، لأنهم حصون المسلمين وعيونهم، وهم أول مكيدته، وعروة أمره، وزمام حربه؛ وأن ينتخب للولاية عليهم رجلا بعيد الصوت، مشهور الاسم، ظاهر الفضل، له في العدو وقعات وصولات، وأن يجري عليهم وعليه أرزاقا تسعهم، وتمد من أطماعهم،
Страница 68