فإن قلت: أما على الأول فظاهر؛ لأنه بخلق الله، وأما على الثاني حيث فهمته على أن المعنى لم يخلقه، وقد صرح المقترح بأن الله لم يخلقه، أصلا. فمن الخالق؟ فإذا لا بد أن يكون المعنى خلقه، ويبطل ما قررت به كلامه.
قلت: لا يصح أن يكون المعنى خلقه؛ لأنه من جملة الممكنات، ولأنه لو خلقه للمعنى لكان معنى التعليل الإيجاد بالغير، فلا يصح البناء عليه في الغائب، ويكون إنكار المعتزلة المعاني لذلك حقا، ولما افترق من القول الذي قال فيه المقترح: أما من فهم أن التعليل معناه الاستفادة من الغير إلخ ... حيث سلم عليه منع التعليل في الغائب بهذا المعنى، ولم يسلمه في القول الثاني، وماذا إلا لافتراقهما، ولا يصح أن يفهم منه إن الله خلق ذلك الحال؛ لتصريحه بأن الله يخلق الحال أصلا، فتعين بناء هذا القول على أن الحال أمر اعتباري ليس صفة محققة، حتى يعين لها الفاعل كما سبق من كلام ابن أبي شريف في المصدر، وهذا مثله إذ كل إنما هو اعتباري فالقولان في الشاهد إذا على أن الحال أمر محقق، فيخلقه الله، أم هو أمر اعتباري يعقله الذهن، فلا يخلقه الله.
ولكن المقترح لما علم ألا خالق إلا الله اكتفى بقوله لم يخلقه الله، أي لأنه اعتباري لم يحتج أن يقول ولا غيره، إذ خلق الغير تقرر عنده وعند غيره سابقا ولاحقا نفيه، وهذا هو الحق فعضوا عليه بالنواجذ.
1 / 84