وإلى هذا أشار بقوله: فكيف ينفي ما به وجب؟ والدليل على أن هذا معنى القولين وجهان:
أحدهما: جعلهما غير مانعين في الغائب بناء عليهما، فلو كان فيهما من يقول في الشاهد أن المعنى أوجد الحال لما صح البناء عليه في الغائب، ولذلك قال: أما فهم أن التعليل معناه الاستفادة من الغير، أي: وجوده بالغير، فيصح التعليل عليه في حق القدم، وكأنه يقول: أما على هذين القولين فلا شيء يمنع في الغائب.
ثانيهما: تقديره للقول الثاني بأنه أفاد الثبوت على معنى أنه لا يفعل إلا به، فإذًا ليس بمعناه أنه أوجده.
والدليل عليه ما للمقترح بعد بنحو الثلاثين ورقة في فصل الكسب في الرد على من قال: إن قدرة العبد تؤثر في حال أو وجه واعتبار الفعل.
قال ما حاصله: إن الحال إن كانت تعقل على حيالها، ويمكن أن تفعل وتخلق على حيالها فعموم قدرة الله وإرادته تشملها، وإن لم يفعل لم يصح أن تكون مقدورة للعبد فإخراجها عن قدرة الله يمنعه، وليس من خلقه الجميع، انتهى. (١).
ولا فرق بين هذه الحال التي للأفعال، وحال لزمت الصفة التي في العبد، فتلخص من مجموع كلامه في القولين: إن المعنى ليس هو الفاعل.
_________
(١) انظر المقترح، شرح الإرشاد ص ١٤٦ - ١٤٧.
1 / 83