معنى هذا الكلام أن التعليل ينافي الوجوب عند القائل بمنع التعليل للقدم بالغير على معنى إثباته بالغير، أي استفاد الوجود بالغير وإن كان لم يسبقه عدم من حيث إن ما استفاد الوجود من الغير فهو من حيث ذاته ممكن، كما تقول الفلاسفة في العالم فإنهم وإن قالوا بقدمه على معنى أنه لم يسبقه عدم فهو لاستناده إلى العلة ممكن وحادث من حيث ذاته، وإن لم يسبقه عدم.
فلو قلنا بالتعليل بين الصفات بهذا المعنى للزمنا إمكانها وحدوثها، فمن منع التعليل بهذا الاعتبار بين الصفات فمنعه حق؛ لاقتضائه حدوثها، ونحن لا نقول، إذ ليس لنا في الشاهد إلا قولان:
أحدهما: ما سبق، وإليه أشار بإعادته.
ثانيا: بقوله فمن قال: التعليل معناه التلازم، فيقول قد يتلازم الممكنان وقد يتلازم الواجبان.
ثالثا: بالبناء على القول الثاني، وهو أن الله لم يخلق الحال، وإنما المعنى أفاد ثبوت الحال بقوله: ومن قال بأن المعنى يوجب، قال الحكم: لا يوجب إلا باعتبار وجوب معناه إلخ.
المعنى أنكم إن بنيتم على هذا القول، وهو أن المعنى أفاد إلخ. فذلك لا يقتضي منع التعليل في الغائب؛ لأن معنى إفادته الثبوت أنه لا يعقل على حياله، ولا يماثل، ولا يخالف إلا تبعا للمعنى فكيف منعتم ذلك في الغائب؟ بل البناء على هذا يقتضي ألا يصح ثبوت المعنوية بدون المعاني فكيف أثبتموها؟
1 / 82