فأنت تراه في القول الثاني بظاهره أخرج الحال على قدرته تعالى حيث قال: إن الله لم يفعل الحال أصلا.
قلت: يتبين الحق في المسألة ببسط كلام المقترح شرحا على ما يقتضيه لفظه، وعلى ما يقتضيه العقل.
فأقول: محط هذا الكلام في النزاع مع المعتزلة في إثبات المعاني، وقد قال بنفي المعاني المعتزلة؛ لأنها لو ثبتت لعللت المعنوية بها.
والتعليل ينافي القدم. قال المقترح في ذلك حاكيا الخلاف في الأحوال المعنوية: هل الله خلق المعنى والحال جميعا؟ ومعنى ذلك هما متلازمان كملازمة العرض للجوهر.
فإن بينتم معاشر المعتزلة على هذا في الشاهد فما يمنعكم من إثبات المعاني في القديم؛ لأنها إن ثبتت تلازمها المعنوية من غير تأثير على أحد في الآخر، كما إنه لم يؤثر أحدهما في الآخر في الشاهد، فيكون التعليل غائبا وشاهدا معناه التلازم بينهما لا غير، إلا إن العلة في الشاهد حادثة، وكذا المعلول بإحداث الله لهما، بخلاف الغائب لثبوت القدم له ولصفاته.
وإلى هذا أشار المقترح في تنزيل الغائب على قول من القولين على الشاهد بقوله. فأما من قال: إن التعليل معناه التلازم فلا إشكال عليه، ثم أشار إلى أن التعليل بمعنى الثبوت بالغير هو المانع للوجوب، فقوله: إنما ينافي، يعني التعليل الوجوب، عند القائل بمنع تعليله من حيث الواجب لا يصح أن يستفاد من غيره. إلخ.
1 / 81