============================================================
قال بعض المؤرخين كان في أيام المنصور بمصر مظالم كثيرة من نوابه حتى إنه لم يبق إنسان من صانع ولا طواب ولا حمال ولا حفار قبور ولا مصدق حتى الزمهم الخراج وأخذ أموالهم واشتد البلاء بالناس حتى أكلوا الكللب والجيف فبينما هم في الجهد والبلاء إذ توفي المنصور الثالث من خلفاء بتي العباس وهو الرايع والعشرون المهدي محمد بن المنصور: واسم آمه أم موسى بنت المنصور بن عبد الله بن سهر الحميري بويع له بالخلافة يوم توفي والده بمكة وهو إذ ذاك ببغداد لست خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين وماية للهجرة وخرج عليه بعد ذلك يوسف بن إبرهيم أمير خراسان فلقيه يزيد بن يزيد فقاتله وأخذه وبعث به الى المهدي فصلبه ببغداد.
106) وفي سنة تسع وخمسين وماية ولى المهدي إمرة مصر محمدا بن سليمان من أهل الشام ثم صرفه وولاها موسى بن علي ثم عزله في ستة سنين وماية وولاها عيسى بن لقمان الجمجمي ثم صرفه عنها في سنة اثشتين وستين وماية وولاها واضح مولى المنصور ثم صرفه وولاها منصور بن يزيد الرغبي فصرفه في سنة ثلاث وستين وماية وولاها آبا صالح يحيى بن عبد الله الجونني، قال وفي هذه السنة أغرى المهدي ولده هرون الصايفة واستوزر له يحيى بن خالد بن برمك فضم إليه جيشأ كثيفا وسار المهدي مع ولده هرون بودعه فجامعه إلى حلب وقام بمرج دابق وسار هرون بجيوشه حتى وصل الروم ونزل ببلادها وحاصر قلعة يقال لها سمالق ونصب عليها المناجنيق وقالها تمانية وثلاتين يوما وفتحها بعد آن هدمها ومضى المهدي إلى بيت المقدس ورأه وقرر أمور الشام وعاد إلى العراق.
قال وفي سنة آربع وسنين وماية ولى المهدي أمر مصر ابرهيم بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس: وفيها جهز المهدي ولده هرون إلى بلاد الروم فتوغل هرون في البلاد وفتح مدينة يقال لها ما حده فلقيه لخيول نقيطا القومص قبارزه يزيد بن يزيد فسقط نقيطا وأتغته يزيد ضربا وانهزم الروم وصاروا إلى الدمسق صاحب المالح وسار هرون في خمسة وتسعين ألفأ حتى بلغ خليج البحر الذي على القسطنطيتية وملكها يومذذ امرأة فصالحت الرشيد هرون على بذل الهذايا وأن يقيم الأدلاء والأسواق في طريقه وأن تؤدي كل سنة سبعين ألف دينار وصالحها وغنم المسلمون في هذه الغزوة ما لا يحصى.
قال وفي ستة ست وستين وماية عاد هرون بن المهدي قافلا بالمسلمين في المحرم ومعه الروم بالحرية وكانت الهدية مع صاحبه (107) القسطنطينية ثلاث سنين ولما عاد من الغزاة بايع والده المهدي بولاية العهد بعد موسى الهادي ولده الرشيد هرون وكان قبل ذلك قد خلع ابن عمه عيسى بن موسى بن محمد من ولاية عهده.
Страница 71