الثاني أنه لو كان يقصد أحد الدراري لعلمه بأن قومه عبدوها وخصصوها بالآلهية فيقول {هذا ربي} معتقدا لذلك لكان مقلدا لقومه في الكفر لكونه ما عنده إلا ما سمع منهم بأنها آلهة وهذا أشد عليهم في الإنكار من كل ما تخيلوه
الثالث أن الطلوع والغروب في التغير والحركات على سواء في الاستدلال على الحدوث فلم استدل بأحدهما على نفي الآلهية وأثبتها للثاني
الرابع أنه قال في الشمس والقمر ما قاله في الكوكب فصار ينقل الآلهية من جسم إلى جسم والكل في حالة الطلوع والغروب على سواء وهذه غاية الجهل الذي يحاشى الخليل عليه السلام عنه قطعا
فإن قالوا لما رأى القمر ظن أنه لا يغرب فقال ذلك قلنا هذا باطل فإنه قد جرب الكوكب وطلوعه وغروبه ثم رأى القمر طالعا كالكوكب فلو كان ما زعمتم لتوقف عن هذا القول حتى يرى هل يغرب أم لا يغرب وأما قوله في الشمس فيجب أن يتأكد الإنكار عليه لتأكد تكرار التجربة منه في الكواكب والقمر
وهذه الأقوال كلها لو قدرت لأحد منا لأنكرها كل الإنكار فإن فيها غاية الحيرة وعدم الاستدلال فكيف تثبت لخليل الرحمن الذي أراه ملكوت السموات والأرض حتى كان يرى ويسمع صريف القلم في اللوح المحفوظ وكان يسمع خفقات قلبه من خشية الله على فرسخ فإذا بطلت في حقه بل في حق العقلاء المستدلين هذه الأقوال لم يبق إلا أنه قالها باب مقابلة الفاسد بالفاسد ليقيم الحجة على قومه في التغير بالأكوان الدالة
Страница 91