رمناه منه أنه قال {هذا ربي} على جهة التعنيت لهم وإقامته الحجة عليهم لعلهم يتفطنون ويتعلمون من وجوه الاستدلال
ويتصور الرد فيه على القائلين بأنه استدل وغلط وتحير من ثلاثة أوجه
أحدها أنه لو قال {هذا ربي} على جهة الاعتقاد والتصميم لكان كافرا في تلك الليلة إلى حين غروب الكوكب وكذلك يلزم في قوله في القمر والشمس ومن اعتقد هذا فقد أعظم عليه الفرية ورد ما علم من دين الأمة في أن نبيا ما كفر قط عقدا ولا لفظا كما تقدم وغايته أن لو كان ما زعموه لتوقف على دؤوب النظر حتى يعلم الحق حقا لكون الناظر في حال نظره لا يحكم له بكفر ولا بإيمان كما تقدم
الثاني أنه لو كان يثبت إلهية الكوكب عند الطلوع من أجل ظهوره وينفيها عند الغروب من أجل غروبه لقامت عليه حجة الخصم بأن يقول له إذا أثبت إلهيته الكوكب عند الطلوع ونفيتها عند الغروب فالكوكب يسري على ما هو به وإنما غاب عنك وسيطلع غدا ويظهر لك فيلزمك أن تثبت الآلهية له عند كل طلوع وتنفيها عند كل غروب وهذا تناقض بين مع تساوي الغروب والطلوع له في التغير
الثالث أن الكواكب لا تكاد تعد كثرة فمن أين له أن يعين أحدها بالإلهية مع التساوي بينهما في كل حال
فإن قالوا إن الكوكب كان من الدراري السبعة التي يعتقد قومه فيها الآلهية قبل
قيل لهم هذا باطل من أربعة أوجه
أحدها أنكم قلتم إنه عندما خرج في حال صغره من المغارة رأى أول كوكب فقال هذا ربي فهو على قولكم لم يعلم الدراري من غيرها رؤية ولا سماعا لكونه لم ير أحدا يخبره بذلك
Страница 90