على أنهم علموا من أول وهلة على أي وجه علموا نظرا أو ضرورة
فصل
</span>
وأول ما ينبغي أن نقدم قبل الخوض في هذه المسائل الإعلام بأن إبراهيم عليه السلام كان نبي الحجة وهو أول من أصل أصول الدين بالاستدلال على علم التوحيد وبه اقتدى رؤساء المتكلمين في استدلاله بالثلاثة الكواكب التي وردت في الكتاب كما سيأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى
قال تعالى {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم}
نرفع درجات من نشاء أي بالحجة البالغة والعلوم العالية فكان قومه حرانيين ينظرون في النجوم ويردون لها القضاء في الأفعال ويعبدون بعضها فكان هو يقصد الاحتجاج عليهم في حدوثها بتغيرها وتبدل أحوالها فخرج مع أهل الرصد ليلا لينبههم على حدوثها بتغيرها مع تسليم مذهبهم الفاسد لهم جدلا وقصده مقابلة الفاسد بالفاسد فإنه من وجوه النظر والأظهر في طريقة التنبيه على الحدوث الاستدلال بالأكوان فإن الحركة يعلم حدوثها ضرورة لكونها تقطع الحيز بعد الحيز بحركة بعد حركة فمن رأى ساكنا يتحرك ضرورة علم تغيره ضرورة فنظر عليه السلام فرأى كوكبا فقال لقومه {هذا ربي} يعني على ظنكم وحسابكم ففرحوا بقوله وظنوا أنه رجع إلى مذهبهم فلما أفل رجع لهم عن قوله الأول بقوله {لا أحب الآفلين}
فعلموا إذ ذاك أنه رجع عن مذهبهم بحجة بالغة والدليل على صحة ما
Страница 89