فالأولى على ما بيناه هو القول بطهارة الماء المستعمل، على أن تنجيسه ليس يحفظ إلا عن أبي حنيفة، في رواية شاذة.
قال أبو بكر الجصاص في شرحه (مختصر الطحاوي): والصحيح من مذهب أصحابنا أن الماء المستعمل طاهر، قال: وكذا كان يقول أبو الحسن الكرخي.
مسألة الفرق بين الكثير والقليل من الماء
قال: والكثير هو: الماء الذي جرت العادة في مثله، أن لا يستوعب شربا وطهورا كالبيار النابعة(1)، والأنهار الجارية، والبرك الواسعة. والقليل: ما دونه.
وهذه الجملة قد نص عليها يحيى عليه السلام في كتاب الطهارة من (الأحكام)(2).
وقد ذكرنا ما يدل على تنجيس الماء القليل إذا وقعت فيه النجاسة، وإن لم يتغير الماء بها، وقد ذكرنا أيضا الأخبار التي يستدل بها على أن الكثير لا ينجس، من خبر أبي سعيد الخدري حين يقول: انتهينا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى غدير فيه جيفة، فقال: (( اسقوا واستقوا ))، ومن خبر بئر بضاعة.
وقد ذكرنا ما رواه محمد بن شجاع، عن الواقدي، أن بئر بضاعة كانت طريق الماء إلى البساتين، على أنه لا خلاف أن الماء إذا بلغ هذا الحد من الكثرة فلا ينجس بما يقع فيه من النجاسة، إلا أن يتغير، إلا الآبار النابعة، فقد اختلف فيها.
والذي يدل على صحة ما نذهب إليه من الفرق بين الماء القليل والكثير:
ما أخبرنا به أبو الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن اليمان، قال: حدثنا محمد بن شجاع، قال: حدثنا معلا بن منصور، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأبو معمر البصري، عن عبد الوارث بن سعيد، قال: حدثنا عطاء بن السائب، أن أبا البختري، وزاذان حدثاه عن علي عليه السلام، أنه قال في الفأرة إذا ماتت(3) في البئر: (( فانزحها حتى يغلبك الماء )) .
Страница 23