فصل [في تنجيس المستعمل ]
ليس ليحيى بن الحسين عليه السلام نص في تنجيس الماء المستعمل، مع أنه قد ذكره، ومنع التوضئ به، فالأقرب أنه كان يذهب إلى أنه طاهر؛ إذ لو كان عنده نجسا، لذكر تنجيسه، فكان يكتفي به عن ذكر المنع من التطهر به، وكان أبو العباس الحسني يخرج تنجيسه على قوله في باب الذبائح: (( ولا بأس بذبيحة الجنب والحائض ))(1)؛ لأن نجاستهما لا تمنع من أكل ذبيحتهما، فلما وصفهما بالنجاسة علم أن الماء الذي يغتسلان به يجب تنجيسه، وهذا بعيد؛ لأن وصفه لهما بالنجاسة على سبيل التجوز، والمراد به أنه يجب عليهما الاغتسال.
يبين ذلك ما ذكره عليه السلام في كتاب النكاح: أنه يجوز للرجل أن يدنوا من امرأته وهي حائض ما دون الإزار، ولا ينبغي أن يدنو من فرجها، ولا أن يقرب من نجاستها(2)، فلما أباح له مقاربة الحائض، ومنع من مقاربة نجاستها، علم أنه لا يجعل أعضاء الحائض نجسة إذا لم يكن عليها نجاسة، ونص على أن سؤر الحائض طاهر، مع تنجيسه سؤر الكافر، فدل على أنه لا ينجس أعضاء الحائض. وفي ذلك:
ما أخبرنا به أبو عبد الله محمد بن عثمان النقاش، قال: حدثنا الناصر للحق، عن محمد بن منصور، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، قال: عاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنا معه رجلا من الأنصار، فتطهر للصلاة، ثم خرجنا فإذا نحن بحذيفة بن اليمان فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأقبل إليه، فأهوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذراع حذيفة ليدعم عليها، فنخسها حذيفة، فأنكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: (( مالك يا حذيفة؟ فقال: إني جنب، قال: ابرز ذراعك ، فإن المسلم ليس بنجس(3)، ثم وضع كفه على ذراعه ))، وإنها لرطبة.
Страница 22