قلنا: فكيف أضيف إليه هذه التأثيرات العجيبة كخلق الإنسان وتراكيبه الظاهرة والباطنة؟ وكيف خلق من جنس مثله مستمرة به العادة؟ وكيف أخرج كل فاكهة من شجرة؟ فلولا أنها من صانع مميز يعلم وإلا لم تجب حدوثها على الترتيب العجيب والنظام البليغ.
وإن قال: هو بهذه الصفة.
قلنا: فقد أبطلت مذهبك.
فإن قال: إنا لا نطلق عليه العبارات.
قلنا: إذا صح المعنى فلا معنى للمنع من العبارات.
فإن قيل: ذلك يوجب التشبيه.
قلنا: المماثلة تقع بصفات الذات، ألا ترى أن الجسم والسواد إذا اشتركا في الوجود وهما مختلفان، وكذلك السواد والبياض هما ضدان.
ويقال: أهو بصفة الموجود أم لا؟.
فإن قال: لا كان معدوما، وإن قال: بلى.
قلنا: فهو محدث أم قديم؟.
فإن قال بالأول احتاج إلى محدث، وإن قال بالثاني أنه كان موجودا لم يزل يجب أن يوصف بأنه قديم.
ويقال للقوم: أتصفونه بصفة ما أم لا؟.
فإن قالوا: لا.
قلنا: هذا نفي، وكيف تثبتونه من غير إثبات صفة؟.
فإن قالوا: نصفه بأنه هو فقط وأنه باري.
قلنا: فما بال سائر الصفات لا تصفه بها، وبعد فقد ناقضت حيث وصفته بصفة.
فإن قال: نحن نقول ليس بموجود ولا معدوم؛ لئلا يلزمنا التبطيل والتشبيه وكذلك سائر الصفات.
Страница 73