مسألة فيما يجب له سبحانه من الصفات
نقول: إنه تعالى قادر عالم حي بصير قديم باق لم يزل ولا يزال، وهذه الصفات تجب له ولا يجوز عليه خلافها وضدها نحو العدم والعجز والجهل والموت والآفات، ونعلم أنه قادر على ما لا يتناهى من كل جنس في كل وقت، وأنه يعلم جميع المعلومات.
وزعمت القرامطة أنه لا يوصف بشيء، فلا يقال أنه موجود، ولا أنه ليس بموجود، ولا قادر ولا أنه ليس بقادر، وكذلك كونه عالما وحيا، وزعموا أن إثباته يوجب التشبيه، وغرض القوم بهذا التلبيس بنفي الصانع وإثبات الهيولى والعنصر.
فيقال لهم: هل يصح أن يعلم القديم أم لا؟
فإن قالوا: لا.
قلنا: فكيف يصح إثبات شيء لا يعلم؟ وكيف تضاف إليه التأثيرات وهو غير معلوم؟ وبعد فقد صرحوا بالغرض؛ لأن غرض القوم نفي الصانع.
وإن قالوا: نعلم.
قلنا: العقول تقتضي أن كل ما يعلم لا بد أن يكون على صفة عليها يعلم وبها يتميز عن غيره؛ لأن الذوات لا تتميز بكونها ذواتا، وإنما تتميز بالصفات التي عليها الذوات، كالسواد يتميز من البياض بصفة، ومن الجوهر بصفة، ومن الحلاوة بصفة.
ويقال لهم: أليس هذا العالم بما فيه أحدثه القديم تعالى؟ فلا بد من: بلى، فيقال: أيصح الفعل ممن ليس بقادر؟.
فإن قال نعم كابر، وإن قال: لا، قلنا: فهلا وصفتموه بأنه قادر.
ويقال لهم: أهو بصفة الأحياء أم لا؟.
فإن قالوا: لا أثبتوا جمادا، وإن قالوا: بلى، قلنا: فإذا ثبتت له الصفة وجب أن يوصف بأنه حي.
ويقال لهم: أهو بصفة يتميز بها من الأشياء وبصفة العالمين؟.
فإن قالوا: لا.
Страница 72