ويقال لهم: هذا الجسم مثلنا أو مخالف لنا؟.
فإن قال مثلنا ، قلنا: نحن لا نقدر على الجسم، فوجب أن لا يقدر هو عليه، وإن قال مخالف لنا.
قلنا: بأي شيء خالف؟.
فإن قال: بالقدرة.
قلنا: فهذه القدرة كلها مختلفة مع اتفاقها في تعذر الجسم، فكذلك تلك القدرة وإن خالفت هذه القدرة ولا تتعلق بالجسم، وبعد فإن الخلاف والوفاق لا يتعلق بصفات المعاني وإنما يتعلق بصفات الذات فلم يصح ما قال.
ويقال لهم: هذه الأجسام وكثير من الأعراض كالألوان والطعوم والروائح والشهوات والقدرة ونحوها مما يتعذر علينا، أيجوز أن تكون من فعل الجسم أو لا يجوز؟
فإن قالوا: لا يجوز بطل قولهم، وإن قالوا: يجوز.
قلنا: فما الدليل بعد ذلك على إثبات الصانع الذي ليس بجسم؛ لأن طريق معرفته وجود الأشياء وتعذرها على الأجسام، فإذا أفسدتم هذه الطريقة وجوزتم أن تكون السماوات والأرض وجميع ما في العالم من فعل جسم لم تبق طريق إلى إثباته، فيؤدي إلى نفي الصانع الذي ليس بجسم، وفي هذا هدم الدين.
Страница 71