قال * جالينوس (710) : والجوهر الرطب * أولى (711) الجواهر بأن يكون * هو (712) الجوهر الحار الغريزي * لنا (713) ، وذلك أن كوننا إنما هو من * الرطب (714) ، والجوهر اليابس أخرى بأن يكون هو الجوهر الحار بالحرارة المستفادة العرضية. فمن هذا الطريق * إذا (715) كان الصبى المولود أكثر ما فيه الجوهر الحار المائي والهوائي، وجب أن يقال إن الشيء الحار الغريزي فيه على أكثر ما يكون، وإذا كان الشباب المنتهى الشباب * والمكتهل (716) هذان الجوهران * ناقصا (717) فيهما والزائد فيه عليهما الجوهر الأرضي، وجب أن يقال إن الجوهر الحار الغريزي بحسب ذلك * فيه (718) أنقص. وبين عند كل واحد أنه يجب ضرورة أن يتحلل من الجوهر الرطب والجوهر الهوائي أكثر مما يتحلل من الجوهر الأرضي، وإن كانت الحرارة فيهما سوء. وتقدر * أن (719) ترى ذلك عيانا في الأشياء التي من خارج. وذلك * أنك (720) * ترى (721) جسمين مختلفين * يسخنان (722) سخونة واحدة فلا * يكون (723) مقدار ما يتحلل منهما سواء، لكن ترى ما يتحلل من * الرطب (724) أكثر وما يتحلل من * اليابس (725) أقل، وأرطب الأجسام يتحلل * منه (726) PageVW0P096B أكثر مما يتحلل من سائرها، وأجفها يتحلل * منه (727) أقل مما يتحلل من سائرها. وذلك أن الماء والدهن إذا * أسخنتهما (728) سخونة معتدلة كان ما يتحلل منهما أكثر مما يتحلل من سائر الأشياء، والحديد والنحاس * والحجر (729) إذا أسخنتها كان ما يتحلل منها أقل مما يتحلل من سائر الأشياء، حتى أنك * إن (730) أخذت ما في المثل ماء وحديدا ووضعتهما في شمس حارة، وزنتهما سواء وتركتهما النهار كله ثم وزنتهما، وجدت الماء قد نقص عما كان نقصانا كثيرا ووجدت الحديد مثل ما كان سواء. وكذلك إن قست وبين الدهن وبين * النحاس (731) والحديد * والحجر (732) ، وجدت الدهن * يتنقص (733) ووجدت تلك الأخر تبقى على وزنها. ثم دع هذه وخذ شمعا وقيرا وزفتا أو * غيرهما (734) مما فيه * جوهر (735) رطب، * فضعهما (736) في شمس * حارة (737) فإنك إذا فعلت ذلك وجدت ما يتحلل منها أكثر كثيرا مما يتحلل من الحجر والنحاس والحديد * وغيرها (738) من الأجسام التي هي من اليبس على * مثل (739) حالها. فيجب ضرورة * إذ (740) كانت * الحاجة (741) إلى الغذاء إنما هي * تستخلف (742) مكان ما يتحلل من البدن * وكان (743) ما يتحلل من الأبدان التي الرطوبة والهوائية عليها أغلب * أكثر (744) أن تكون حاجتها إلى الغذاء أكثر. وبدن الصبى كذلك لأن الجوهر الرطب والجوهر الهوائي أكثر ما فيه لا الجوهر اليابس الأرضي كما * هو (745) في أبدان PageVW6P015A المتناهين * في (746) الشباب والمتكهلين. * فلما (747) كان غرض ابقراط في هذا الكتاب أن يستعمل في تعليمه اللإيجاز ومذهب الفصول، لم يشرح قوله في هذا * الكتاب (748) كما شرحته أنا في هذا الموضع، لكنه يدل * على (749) أن يقول * إن (750) الأبدان التي هي في النشوء وإن كان ما فيها من PageVW0P097A الجوهر الحار الناري مساويا لما في أبدان المتناهيين في الشباب فإن ما فيها من الجوهر المائي والجوهر الهوائي أكثر. قال * (751) إن ما كان من الأبدان في النشء ففيه من * الجوهر (752) الحار الغريزي أكثر * مما (753) في سائر الأبدان، وأراد بذلك أن يذكرنا بجوهر الحرارة الغريزية وأن يأتي بالبرهان على ما قصد * إليه (754) . وذلك أنه لما كان جوهر الأبدان التي في النشء رطبا حارا، وجب ضرورة أن يكون ما يتحلل منها أكثر مما يتحلل من سائر الأبدان، وأن يكون ما يحتاج إليه من الغذاء أكثر مما يحتاج إليه سائر الأبدان. قال * (755) : فإن لم يتناول * من (756) بدنه في النشء ما يحتاج إليه من الغذاء ذبل ونقص بدنه ، وذلك واجب، لأنه إذا كان ما ينقص من البدن كثيرا وما يزيد فيه قليلا وجب ضرورة أن * يفسد (757) فيه جوهره. قال * (758) : والشيء الحار في الشيوخ قليل وعلى أي المعنيين الذين * ينتظمهما (759) اسم الحار فهمت قوله في هذا الموضع الحار، فإنك تجده فيهم قليلا على * الكيفية (760) فهمنه أم على الجوهر. وذلك أن كيفية الحرارة في الشيخ ضعيفة والجوهر الحار فيه فيه أقل منه في سائر الأبدان، وذلك بين لمن هو لما كان تقدم من قولنا ذاكرا. قال * (761) : فمن قبل ذلك * فليس (762) يحتاج بدن الشيخ * من (763) الوقود * يعني (764) الغذاء إلا اليسير. فإنما سمى الغذاء وقود * ليذكر (765) برأيه وبرأي * جميع (766) المشهورين من الفلاسفة، وهو قولهم * بأن (767) الحار أولى بأن يكون علة * الحياة (768) من سائر الاسطقسات التي ركبت منها أبدان الحيوان. فكما أن نار السراج وإن كان الدهن هو * غذاؤها (769) فإنه إن صب عليها * منه (770) شيء كثير دفعة طفيت فضلا عن * أن (771) تغتذي به، * كذلك (772) الحرارة * التي (773) PageVW0P097B في بدن الشيخ وإن كان الغذاء لها بمنزلة الدهن للسراج فإنها إن عمرت * بغذاء (774) كثير * دفعة (775) * لم (776) يؤمن أن تطفئ كما لو جمعت على * شرارة (777) صغيرة من نار حطبا كثيرا أطفيت. فأما ما أتي به بعد هذا وهو قوله «ومن قبل هذا أيضا ليس يكون الحمى في * المشيخة (778) حادة كما يكون في الذين أبدانهم في النشء» فإنما جعله دليلا على أن بدن الشيخ بارد، وذلك أنه وإن كانت الحمى إنما تكون بتغير الحرارة الغريزية إلى النارية، فإنه لا يكاد يمكن أن يبلغ من تغيرها إلى النارية في الشيخ ما يساوي تغيرها إلى ذلك في الشباب، وذلك أن الحرارة الكثيرة يسهل مصيرها إلى غاية الإفراط. * وأما (779) الحرارة اليسيرة فليس PageVW6P015B يسهل ذلك فيها إلا أن تستكره غاية الاستكراه. ولذلك * ليس (780) يحم الشيخ حمى حادة في أكثر الأمر كما يحم الشباب، فإن اتفق في الندرة أن يعرض للشيخ حمى شبيهة بالحمى * التي (781) تعرض للشباب. فإن عاقبتها * تكون (782) لا محالة إلى تلفه، وذلك أنها تدل على عظم * فرط (783) من العلة الفاعلة لها. وقد يكتفى بهذا من * كان (784) سليم الطبيعة ليفهم به ما قال أبقراط في هذا الموضع ويصح عنده. فأما الذين ألزموا أبقراط اللوم بسبب هذا القول على غير الواجب كما فعل لوقش فقد أفردت لهم مقالة بأسرها نقضت فيها ما * احتجوا (785) به على أبقراط في هذا الفصل بالظلم. وجعلت عنوان تلك المقالة أن أبقراط لم يخط في الفصل الذي أوله «ما كان من الأبدان في النشء ففيه من الحار * الغريزي (786) أكثر مما في سائر الأبدان». وإنما وقع إلي كتاب لوقش وقد فرغت من تفسيري لهذا الكتاب. فزدت فيه هذا PageVW0P098A الكلام وليس هو في النسخ * (787) التي انتشرت عني. وأفردت * الاحتجاج (788) عن أبقراط فيما ألزمه لوقس من اللوم بسبب هذا * الفصل (789) كما قلت مقالة مفردة.
15
[aphorism]
قال * (790) أبقراط: الأجواف في الشتاء والربيع أسخن ما * يكون (791) بالطبع * والنوم (792) أطول ما يكون فينبغي في هذين الوقتين أن يكون ما يتناول من * الأغذية (793) أكثر وذلك * أن (794) الحار الغريزي في الأبدان في هذين الوقتين كثير ولذلك يحتاج إلى غذاء كثير والدليل على ذلك أمر الأسنان * والصريعين (795) .
[commentary]
Страница 416